طاعة المرأة والدها في الزواج بمن لا تحبه

0 6

السؤال

أنا فتاة عمري الآن 26 سنة، تزوجت حينما كان عمري 14 سنة، وكنت وقتها أرغب به؛ لأن أختي الكبرى تزوجت، وأحببت الفكرة، فزوجني والدي من شخص لم أحبه، ولم أرغب به، وإنما زوجني به فقط لأن والده كان يقرأ القرآن، وكان والدي داعية، ورجل دين، والزواج فيه ستر، ولا وجود للحب قبل الزواج.
عشت معه سبع سنين في الغربة، وأنجبت طفلة، وكانت أيامي كلها عذابا، وضربا منه، وخيانة، وكان يسكر، ويشرب الخمر، ويكلم البنات والنساء، ويمارس معي الشذوذ، وما شابه؛ حتى طلقت منه، وعشت في بيت والدي ببلدي ما يقارب الخمس سنين، وأنا كارهة للزواج، وانتابتني عقد نفسية، ومحاولات انتحار.
أصيب والدي بمرض السرطان قبل عامين، وأضحى يلح علي بالزواج باستمرار، وأصر أن يستقبل المتزوج، والمطلق، والمعدد، والفقير، والغني، وكنت أرفض، وهو يلح، وأنه سيموت، وأنه يجب علي أن لا أبقى دون رجل بعد موته؛ حتى اشتد عليه المرض جدا، ودخل في مرحلة متقدمة جدا، وصار طريح الفراش حتى صار يربط زواجي من عدمه برضاه علي، وأنه سيغضب علي، ويموت غاضبا إن لم أتزوج وهو حي. ولأنني أحبه جدا، وأراه كل شيء في حياتي، قبلت بشاب أصغر مني بعامين لا زال يدرس، وهو عزب لم يسبق له الزواج، وحالته المادية فقيرة إلى عادية، ولم تكن لي حجة إلا أن أقبل به؛ لكسب رضاه، وعدم غضبه علي، وخاصة أن والدي أصبحنا نعد أيامه يوما بعد يوم، وبعد شهر توفي إلى رحمة الله، وبقيت مع هذا الشاب، ونحن الآن مخطوبان، وقد كتبنا الكتاب في البيت (كتاب شيخ) بحضور الشهود، ولا أعلم ماذا أفعل، فأنا لا أشعر باتجاهه بأية رغبة، وأفكر في فك ارتباطي بالشاب، لكن خوفي من غضب أبي علي بعد موته، وفي قبره يخيفني، وحياتي أيضا مهمة، وكما يقول المثل: (الحي أبقى من الميت). وأنا خائفة جدا من استمراري معه مرغمة، والفشل يلوح في الأفق مع تصرفاته الغريبة، وعدم سؤاله عني في مرضي، ومناسباتي الخاصة، والعيدين، وتفتيش جوالي، واستخدام حساباتي في فيسبوك، والواتس، فهل في فك ارتباطي بخطيبي، وفسخ كل شيء عقوق لوالدي، وتسبب في غضبه علي بعد وفاته؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فليس من حق الوالد - أبا كان أم أما - أن يلزم ولده - ذكرا كان أم أنثى - على نكاح من لا يرغب فيه، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه، كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكل المكروه مرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك، ولا يمكن فراقه. اهـ.

فلم تكوني ملزمة بطاعة والدك في النكاح السابق، ولا يلزمك طاعته فيما أمرك به في النكاح اللاحق، وخاصة إن خشيت ضررا، وخشيت عدم الوفاق ودوام العشرة.

ونرجو أن لا يكون خشية الضرر مجرد توهم، ووساوس؛ بسبب الفشل الذي حدث في النكاح السابق.

وكوني على حذر من أن يكون ذلك حاملا لك على الإعراض عن النكاح بالكلية، فتفوتين على نفسك كثيرا من مصالح الدنيا والآخرة، مع العلم أن النكاح تعتريه الأحكام التكليفية، بمعنى أنه قد يكون واجبا أحيانا، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 194929، والفتوى: 76303.

 ويفهم من سؤالك أن العقد قد تم، وأصبحت زوجة لهذا الرجل: فإذا كان الأمر كذلك، فنقول: ليس في طلبك فسخ العقد للأسباب المذكورة عقوق لوالدك، ولكن ما ذكرت ليس مسوغا لفسخ النكاح، فهنالك أمور معينة تسوغ الفسخ، ذكرها أهل العلم، كالعيوب المنفرة، والأمراض المعدية، ونحو ذلك، وفقا لضوابط شرعية، ويمكن مطالعة الفتوى: 19935.

وإذا كرهت هذا الرجل، وخشيت التفريط في حقه، فيمكنك طلب الخلع بأن يطلقك في مقابل عوض، وانظري الفتوى: 8649.

 ولا يعني هذا أننا نحثك على أمر الخلع، بل تريثي في الأمر، فإن كان هذا الشاب صاحب دين وخلق، وصبرت عليه، وأتممت هذا الزواج، فقد يبارك الله فيه، ويجعل فيه الخير الكثير.

وننصحك بأن تستشيري الثقات قبل الإقدام على أي خطوة، واستخيري الله عز وجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة