شراء أسهم الشركات العالمية وتداولها

0 23

السؤال

أشتغل في سوق المال السعودي، وخسرت الكثير، واتجهت للسوق الأمريكي؛ علي أن أعوض، فاخترت عددا من الشركات الشرعية وفقا لفلتر جابر نفاع، فهل هذا جائز، مع الدليل؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فيشكر لك حرصك على تحري الحلال، وحذرك من الوقوع في الحرام، وهكذا يكون المسلم الحريص على دينه؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس، إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)، وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء؛ يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!

وفي الحديث الثاني يقول صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب. وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.

وسعيك في تعويض الخسارة، واستثمارك مالك، لا حرج فيه، لكن ابحث عن أحسن السبل المشروعة التي لا شبهة فيها. 

واعلم أن بعض الناس قد يغريه كثرة الحرام، وسهولة الكسب منه بالدخول فيه، ويفوته أن للحرام شؤما عظيما، وأنه لا بركة فيه، فدرهم حلال خير من ألوف مؤلفة من الحرام، وقد قال تعالى: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون {المائدة:100}. نسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب.

وأما ما سألت عنه؛ فجوابه: أن شراء أسهم الشركات العالمية وتداولها يشترط لجوازه أن يكون النشاط الذي تزاوله الشركة نشاطا مباحا، وألا تكون الشركة تودع أموال المساهمين أو بعضها في البنوك الربوية لأخذ الفائدة، وإضافتها إلى أرباح المساهمة، ضمانا لعدم الخسارة، وتوفر هذين الشرطين في الشركات العالمية نادر؛ لعدم مراعاتها للضوابط الشرعية.

وقد وجه سؤال لهيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي، جاء فيه: هل يجوز بيع وشراء أسهم الشركات الأجنبية (مثل: جنرال موتورز، فليبس، شركات مرسيدس)؟ مع العلم أن هذه الشركات صناعية، ولكنها لا تتورع بالنسبة للإقراض والاقتراض بفائدة؟

الجواب: إن مبدأ المشاركة في أسهم شركات صناعية تجارية، أو زراعية مبدأ مسلم به شرعا؛ لأنه خاضع للربح والخسارة، وهو من قبيل المضاربة المشتركة التي أيدها الشارع، على شرط أن تكون هذه الشركات بعيدة عن المعاملة الربوية أخذا وعطاء، ويفهم من استفتاء سيادتكم أنه ملحوظ عند الإسهام أن هذه الشركات تتعامل بالربا أخذا وعطاء.

وعلى هذا؛ فإن المساهمة فيها تعتبر مساهمة في عمل ربوي، وهو ما نهى عنه الشارع. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات