لا خير للمرء في الحقد والغل والحسد

0 10

السؤال

ما حكم المسلم إذا دعا الله بأن يجعله خيرا من شخص معين؟ أن يقول -اللهم اجعلني خيرا من فلان- -اللهم اجعلني أعلى درجة عندك في الجنة من فلان- خصوصا إذا اجتمعت فيه -فلان- هذه الأشياء:
1)سيء الخلق ولا يطاق.
2)لا يستحيي.
3)كثير الغضب.
4)فيه نوع من الغلو والتنطع وهو ملتزم.
5)قد نصح كثيرا ولا فائدة.
6)لا يريح صدر الرجل- الذي دعا الله بهذا الدعاء- إلا أن يتحقق هذا الدعاء.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالذي يظهر من السؤال أن بقلب هذا الرجل غلا تجاه أخيه المسلم هذا، وأنه غير سليم الصدر له، وهذا مما لا ينبغي، فننصحه بسلامة الصدر لأخيه، وأن يسل سخيمته تجاهه، وأن يعلم أن الحقد والغل والحسد لا يأتي بخير، وفي المسند عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم، مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى. فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم، مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت؟ قال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لك ثلاث مرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما هو إلا ما رأيت. قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق.

والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة، فعلى هذا الشخص أن يطهر قلبه، وينقيه لأخيه المسلم، وإن كان لديه ما يعاب فليناصحه بلين ورفق، فإنه لا يلزمه سوى هذا.

وأما الدعاء المذكور فلا إثم فيه فيما يظهر، بيد أن الأفضل والأكمل لزوم الدعوات النبوية، وأن يسأل الله الخير حيث كان، وأن يدعوه بأن يؤتيه في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ويقيه عذاب النار، فأدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- وأدعية القرآن هي الجامعة لكل خير، ولزومها خير من الاشتغال بأن يكون الشخص خيرا من فلان أو فلان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة