نصائح لمن ابتليت بزوج سيء العشرة ثم طلقها

0 2

السؤال

أحب أن أروي معاناتي مع زوجي، طالبة منكم نصيحة.
ابتليت بزوج عاص، لم أكن أعلم درجة عصيانه إلا بعد الزواج بفترة قصيرة جدا، فلم يفي بأي من حقوقي، ولم يكن يعاشرني، وكان يرفضني، وكنت أطالب بحقي، فكان يخبرني أن الجنس ليس أمرا ملزما، ويتركني في البيت ويكذب علي، ويتحدث مع النساء، ويشرب ويدخن الحشيش، وكنت كل يوم تعيسة، وكنت أغتسل وألبس أفضل الملابس، وأرتب له الغرفة، وأعطرها له؛ حتى يأتي إلى البيت ويشعر بالراحة النفسية، لكنه كان يأتي ولا ينظر إلي.
حاولت بشتى الطرق أن أتحدث معه وأسأله هل هناك ما يزعجه، لكنه لم يتحدث إلى هذا اليوم، وكنت أتحمل أمه التي تتدخل في أمورنا، وتجلس وتنام على فراشنا الزوجي، وعندما ترى أننا على الفراش وفي الظلام، تدخل الغرفة بكل وقاحة، وتجلس بيننا، وأموت أنا من الخجل!
كنت أعاني على الفراش كل ليلة من الألم الشديد -ألم أكل روحي، وقلبي، وحياتي-، وتعبت نفسيا، وكنت أتحسب عليهم كل يوم؛ حتى جاء ذلك اليوم الذي شككت فيه ودخلت حسابه، ورأيت أشياء يا ليتني لم أرها، رأيته يتحدث عني عند النساء، ويخبر إحداهن أنه لا يريد تركي؛ لأني أثير شفقته، وأني يتيمة بلا أم، وأنا يشهد الله أني لم أضره، ولم أرد غير الحضن الدافئ، والستر، والاستقرار، وواجهته؛ فطلقني دون رحمة، وحمل أغراضي في كيس قمامة، وجاء بها إلى منزل أبي، وانتظرته كل يوم لينظر إلي!
لقد ظلمني ظلما شديدا، وأنا الآن مطلقة، لكن القهر لا زال في قلبي، فماذا أفعل؟ والذي يؤلمني أكثر أن أمه تعلم ما كان يفعل، لكنها لم تسمعني، وحسبي الله ونعم الوكيل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل المولى الكريم أن يفرج همك، وينفس كربك، وأن يرزقك زوجا صالحا تسعدين به، وترزقين منه ذرية طيبة تقر بها عينك.

 ونوصيك أولا بكثرة الدعاء، والتضرع إلى الله عز وجل، وسؤاله حاجتك، فهو الجواد، أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، وانظري آداب الدعاء في الفتوى: 119608.

والوصية الثانية هي: الصبر، فهو من خير ما يتسلى به المؤمن والمؤمنة عند البلاء، وله فضائله الكثيرة التي ثبتت بها نصوص الشرع، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى: 18103.

والوصية الثالثة: الإكثار من ذكر الله عز وجل، وتلاوة القرآن؛ لتهدأ النفس، ويرتاح البال، قال الله عز وجل: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}.

 وإذا كان على هذا الحال من التعامل معك، فهو شخص جاف، وسيئ الخلق والعشرة، والله عز وجل أمر الزوج بحسن عشرة زوجته، قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا{النساء:19}، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 134877، والفتوى: 206137.

ومن المعاشرة بالمعروف أن يوفي لك حقوقك، ومن أعظم هذه الحقوق: إشباع الغريزة الجنسية، والإعفاف، فهو آكد من الطعام والشراب، كما ذكر أهل العلم، قال ابن حزم: يجب على الرجل أن يجامع امرأته، وأدنى ذلك مرة كل طهر، إن قدر على ذلك، وإلا فهو عاص؛ لقوله تعالى: فأتوهن من حيث أمركم الله [البقرة:222]. اهـ. وقال ابن تيمية: على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها. اهـ. وقال في موضع آخر: على الزوج وطء زوجته بقدر كفايتها، ما لم ينهك بدنه، أو تشغله عن معيشته، غير مقدر بأربعة أشهر. اهـ.

 وما ذكرته عن أم زوجك وتصرفاتها معك -إن ثبت عنها-، فغريب أن تصدر عن مثلها، وخاصة دخولها عليكما وأنتما على الفراش.

فهذا من سوء معاشرة الأصهار، والمطلوب حسن المعاشرة، وأن يكون تدخل الأم للإصلاح بين ابنها وزوجته، لا أن تزيد الحريق اشتعالا، وتزيد الحالة سوءا، وقد جاءت السنة بالوعيد في حق من يفسد بين الزوجين، كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها.

  وما كان من طلاق، فلعله فيه خير لك.

ولا ينبغي أن تأسفي على فراق مثله، قال الله تعالى: فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}.

 فسلي الله عز وجل أن يرزقك من هو خير منه، ولا تيأسي، بل ابحثي، واستعيني بالثقات من قريباتك أو صديقاتك، فيجوز شرعا للمرأة البحث عن الأزواج، وانظري الفتوى: 18430.

  هذه بعض النصائح والتوجيهات.

وإذا أردت المزيد، فراسلي قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات