معنى قوله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ"

0 12

السؤال

قرأت في القرآن أن الله سبحانه وتعالى وعد الذين آمنوا ودخلوا الجنة أن يلحق بهم ذريتهم ممن دخلوا الجنة أيضا، ورأيت بعض الإجابات أن الله يجمع العائلة الواحدة من أب وأم وأولادهم، لكني أجد الإجابات متضاربة قليلا، فأنا مثلا أرغب أن أكون مع أمي وأبي، وأبي يريد أن يكون مع أمه وأبيه، وجدي يريد أن يكون مع أمه وأبيه، وهكذا، فكيف يتم جمع العائلة الواحدة من أم وأب وذرية؟ سنصل إلى عدد لا نهائي إلى بداية شجرة العائلة. أرجو توضيح النقطة هذه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه أنه يجمع العائلة من المؤمنين في الجنة، كما في قوله تعالى: جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب {الرعد:23}.

قال ابن كثير في تفسيره: قوله: {ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم} أي: يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء، والأهلين، والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقر أعينهم بهم، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته، بل امتنانا من الله وإحسانا، كما قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} [الطور:21]. اهــ.

ولا إشكال في هذا؛ فإن الجنة لا تضيق بأهلها، بل سيبقى فيها مكان زائد بعد دخول أهل الجنة جميعا، فينشئ الله تعالى أقواما يملؤهم بها، ففي حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة، فيبقى منها ما شاء الله، فينشئ الله لها خلقا حتى يملأها. رواه أحمد.

ثم إن العبرة ليست بما يريده كل واحد من أن يكون مع أبويه وأهل بيته في الجنة، وإنما العبرة بتحقيق الإيمان، فقد يريد أن يدخل الجنة هو وأهل بيته، ولكنه لا يدخلها لا هو ولا أهل بيته، وقد يدخلها بعضهم، ولا يدخلها بعضهم، ومن حقق الإيمان هو وأهل بيته جمعهم الله تعالى في الجنة، ولن تضيق بهم، نسأل الله تعالى برحمته أن يجعلنا وأهلينا من أهل الجنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات