لا يلزم من صلاح الرجل في الظاهر أن تسعد المرأة معه لو تزوجت منه

0 11

السؤال

استودعت الله زواجي من شخص أحببته، ولكن أمي منعتني من الزواج به، وما زلت أحبه، ولم أستطع نسيانه، فهل يضيع شيء استودعته الله؟
وهو شخص متدين، وشديد الصلاح، وقد دعوت الله كثيرا أن يجمعني به، لكن تقدم لي آخر، وأصرت أمي على أن أرتبط بالآخر، وأرضيتها مع عدم موافقتي، لكن بعد فترة لم يتم زواجي بالآخر، وكرهت أمي، ولم أستطع مسامحتها على ما تسببت لي من ألم، وعانيت كثيرا، وحصلت الكثير من المشاكل بيني وبينها، وكانت علاقتي بالله قوية، لكني الآن أصبحت أستحيي أن أرفع لله يدي بالدعاء؛ لسوء ما أصبحت عليه في كل شيء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإننا ننصحك أولا بمجاهدة نفسك للعودة إلى النشاط في الطاعات، وعمل الصالحات، وكذا الحرص على الدعاء؛ فهو أفضل سبيل تحققين به ما تبتغين، وربك جواد كريم أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.

فتضرعي إليه، وسليه أن يرزقك الزواج من رجل صالح تسعدين معه، وفوضي أمرك إليه، فإنك لا تدرين أين الخير، ولا يلزم أن يكون ما رأيت من الرجل المذكور من الصلاح في الظاهر أن تكوني سعيدة لو تزوجت منه، وقد قال الله تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة:216}.

 وقد أحسنت بالموافقة على الزواج من الرجل الآخر إرضاء لأمك، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 379588.

وما حصل في قلبك من كره لأمك بسبب ما حدث، لا مؤاخذة عليك فيه؛ لأن الأمور القلبية لا يملك الإنسان فيها شيئا، ولكن الشأن كل الشأن في أن يكون قد ترتب عليه شيء من التصرفات السيئة تجاهها؛ فإن العقوق يحصل بأي نوع من الأذى للوالدين، ولو كان يسيرا؛ ولذلك حرم الله عز وجل مجرد التأفف، حيث قال: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}.

فإن وقعت في شيء من ذلك، فالواجب عليك التوبة، واستسماح أمك، وعدم العودة لمثل ذلك في المستقبل، وراجعي الفتوى: 29785، ففيها بيان شروط التوبة.

ولا شك في أن المولى تبارك وتعالى إذا استودع شيئا حفظه، ولكن ليس هذا الشخص زوجا لك؛ حتى تسألي الله أن يحفظ لك زواجك منه، والمناسب في مثل هذا أن تسأليه عز وجل أن يوفقك للزواج منه، إن كان فيه خير لك، أو تستخيري إن كنت تريدين أن تعرضي عليه أن يتزوجك، وكذا إن تقدم لخطبتك، فهنا تكون الاستخارة؛ لتفويض الله عز وجل باختيار ما هو أصلح لك.

وليس في مجرد إصرار أمك على زواجك من الآخر، ظلم منها لك؛ حتى تذهبي إلى أنك لا تريدين مسامحتها، بل الظن بها أنها فعلت ما فعلت ظنا منها أن في ذلك مصلحة لك، وعلى فرض أنها قد ظلمتك، فهل تحبين أن تعذب بسببك؟!

وعلى وجه العموم؛ فالعفو عن الظالم قربة عظيمة، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 27841، وإذا كان هذا في العفو عن عامة الناس، فكيف بالعفو عن أمك التي حملتك، وأرضعتك، وسهرت، وتعبت لأجل رعايتك حتى كبرت، وبلغت سن الزواج؟!.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة