أمر الأمّ ابنها بفراق زوجته

0 7

السؤال

زوجي يرى أن من البر بأمه إذا أمرته أن يترك امرأته أم أولاده أن يطيعها، فهل هذا التصور صحيح؟ وإذا راجعت الزوجة زوجها في كلامه، وقالت له: هذا ظلم، وستحاسب عليه، فيقول لها: أمي هي التي ستحاسب؛ لأني أطيع أمي، بغض النظر عن المخطئ منهما -الزوجة أو الأم-، فهل يجوز للزوج أن يترك زوجته وأولاده تنفيذا لرغبة أمه؟ مع العلم أن الزوج يعرف جيدا مدى تقدير زوجته له، واحترامها، وخوفها عليه، وعلى مصلحته، وأنها تبذل كل ما في جهدها لإرضائه، ولم تقل له يوما كلمة تغضبه، ولا قست عليهم، ولا جعلته يمنع المال عنهم، أو يقاطعهم، بل كانت دائما تحثه، وتذكره في أي مناسبة، أو مال يأتيه أن يراضي أمه وأخته أولا، فهل تستحق الزوجة مثل هذه المعاملة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن حق الأم على ولدها عظيم، وبرها وطاعتها في المعروف، من أوكد الواجبات، ومن أفضل الطاعات، لكن الطاعة لا تكون إلا في المعروف، فإذا أمرت الأم ولدها بفراق زوجته بسبب خلافها معها، أو لعدم محبتها لها، ونحو ذلك، فلا تجب طاعتها في ذلك، ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة.

فإذا كان الزوج متصورا أن بر أمه يقتضي طاعتها في فراق زوجته على كل حال؛ فتصوره غير صحيح، بل قال بعض أهل العلم بتحريم طاعة الأم في طلاق الزوجة في هذه الحال، قال ابن مفلح -رحمه الله- في الآداب الشرعية: ونص أحمد في رواية بكر بن محمد، عن أبيه إذا أمرته أمه بالطلاق، لا يعجبني أن يطلق؛ لأن حديث ابن عمر في الأب. ونص أحمد أيضا في رواية محمد بن موسى أنه لا يطلق لأمر أمه، فإن أمره الأب بالطلاق، طلق، إذا كان عدلا.

وقول أحمد -رضي الله عنه- لا يعجبني كذا: هل يقتضي التحريم أو الكراهة؟ فيه خلاف بين أصحابه، وقد قال الشيخ تقي الدين فيمن تأمره أمه بطلاق امرأته، قال: لا يحل له أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها. انتهى.

فالواجب على الزوج أن يبر أمه، ويحسن عشرة زوجته.

ومن استعان بالله عز وجل، وأخلص النية لوجهه، واستعمل الرفق، والمداراة، فسوف يسهل عليه -بإذن الله- الجمع بين بر الأم وإحسان عشرة الزوجة، وراجعي الفتوى: 66448.

وننبه الزوجة إلى أن من محاسن أخلاقها، وطيب عشرتها لزوجها؛ إحسانها إلى أهله، وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه، وصلة رحمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة