تكره أمها بسبب عنفها وإفشاء أسرارها.. المشكلة.. والعلاج

0 10

السؤال

أتمنى أن أجد شخصا يداويني بجواب.
تعبت نفسيا من أمي، أولا هي ليست عادلة بين الأولاد، وأيضا لا تريد أن أتزوج بعيدا. وكل هذا من باب المصلحة، أو بسبب الحسد، لا أعرف بماذا تفكر؟
تريد أن أتزوج هنا قريبا منها، وليست القضية هنا فقط، بل لا تريد أن أهتم بشكلي، دائما تردد لي: أنت ليست عندك ثقة بنفسك، أنت تغيرين من خلق الله، أي شيء أقوم به لا بد أن تسمعني كلاما سلبيا، وأنا أكرهها منذ صغري.
لم أشعر أنها أمي، ولا أحبها، وهذا الشعور ليس بيدي، والسبب أنها كانت عنيفة معي، وتفضح أسراري، وتعطي عيوبي لإخواني وأبي، حتى أصبح بينا تنافر.
وربي، جعلتني أكرهها، ولا أنسى ضربها لي أبدا، وفوق هذا حتى لما كبرت لا زالت بنفس عاداتها، ولم تتغير. تناقشت كثيرا معها ولا جدوى، وربي صبري نفد.
وأيضا لم يتقدم لي أي عريس، والسبب نحن من عائلة غير اجتماعية.
أدعوا الله دائما أن يرزقني بالزوج الصالح، لكن يأتي الشيطان يوسوس لي ويقول لي: كيف تتزوجين ولا أحد يعرفك، لا بد أن تأخذي بالأسباب قبل الدعاء.
كيف آخذ بالأسباب وأنا لا أحد يعرفني. وأخيرا هل إذا دعوت الله أن يرزقني بالزوج الصالح، سيستجاب لي؟
وللعلم أنا لا أكلم أمي بسبب أذيتها لي، وأصبحت أجلس بغرفتي حتى يفرجها الله علي.
هل دعائي مستجاب، أو أعتبر عاقة؟
أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فاعلمي أن الأم لها منزلة عظيمة في الشرع، لعظيم حقها على أولادها، فهي التي حملت ولدها في بطنها، وتحملت الآلام عند الولادة والرعاية وغير ذلك، ولذا أمره ببرها، قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير {لقمان:14}.

 قال ابن حجر في فتح الباري: وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين. فسوى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة. اهـ.

وجعلت لها السنة ثلاثة أرباع البر، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:" أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك".

قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: وحديث أبي هريرة، يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر. اهـ.

وفي الأدب المفرد للبخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل، من بر الوالدة.

   وما ذكرت عن أمك من أنها غير عادلة مع أولادها كلام مجمل، وليس كل ما يعد ظلما من الوالدين هو كذلك، هذا مع العلم بأن السلف كانوا يستحبون العدل بين الأولاد حتى في الأمور العاطفية، ويمكنك مطالعة الفتويين: 6242، 374185

  والأصل في الأم شفقتها على أولادها، وحرصها على مصلحتهم وخاصة الإناث، فينبغي أن تحسني الظن بأمك في كل تصرف يحتمل أن يكون لها محمل حسن في القيام به، وعلى فرض كونها قد فعلت ما لا يحتمل إلا المحمل السيء، فلا بأس بأن تكرهي بقلبك ما فعلت، ولكن يجب عليك الحذر من أي تصرف يمكن أن يسبب لها الأذى حتى لا تقعي في العقوق، وراجعي الفتوى: 135885.

ولا يجوز لك هجر أمك وترك مكالمتها، فهذا من العقوق، ولا بأس بالتقليل من ذلك بالقدر الذي يندفع به الأذى.

وينبغي أن يبذل لها النصح، ويبين لها ما يخالف الشرع من أخطائها، ويمكنك أن تستعيني عليها ببعض الفضلاء ممن ترجين أن تسمع كلامهم وتستجيب لهم، وأكثري من الدعاء أن يصلح الله حالها وييسر لك الزواج، فالدعاء من أعظم أسبابه، هذا بالإضافة للاستعانة ببعض صديقاتك في البحث عن الزوج الصالح، وانظري الفتوى: 18430.

  ويجب على المسلم التوبة مما يقع فيه من المعاصي عقوقا كانت أم غيرها، ولو لم يتب، فالمعاصي قد تمنع من إجابة الدعاء.

 فتوبي إلى الله تعالى، فقد أمر الله تعالى جميع المؤمنين بالتوبة إليه، ووعدهم على ذلك بالفلاح؛ فقال تعالى: وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون {النور:31}، ولا تعجزي عن الدعاء على كل حال.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة