هل من الغيبة قول (الله يهديه)(فلان أصلحه الله)

0 12

السؤال

عندما أتكلم مع أشخاص عن شخص ما في غيابه، وليس في حضوره بعبارات مثل: (الله يهديه)، (فلان أصلحه الله). تعبيرا مني أنني غير راض عن تصرف قام به ذلك الشخص، وأنه أخطأ، وتصرف بشكل غير سوي.
فهل أكون بذلك قد اغتبت ذلك الشخص بشكل من الأشكال أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما تقوله من كلام يكرهه ذلك الشخص، ويستاء إذا سمعه وبلغه؛ فإنه يعتبر من الغيبة المحرمة.

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- : والأرجح اختصاصها بالغيبة مراعاة لاشتقاقها [أي أن الغيبة بكسر الغين مشتقة من الغيبة بفتح العين]، وبذلك جزم أهل اللغة، قال ابن التين: الغيبة ذكر المرء بما يكرهه بظهر الغيب، وكذا قيده الزمخشري وأبو نصر القشيري في التفسير وابن خميس في جزء له مفرد في الغيبة والمنذري، وغير واحد من العلماء من آخرهم الكرماني، قال: الغيبة أن تتكلم خلف الإنسان بما يكرهه لو سمعه، وكان صدقا. انتهى من "فتح الباري".

وذكر الراغب الأصفهاني في كتابه محاضرات الأدباء عن الفضيل بن عياض أنه قال: الرجل يقول سبحان الله وأخشى عليه بذلك النار، وهو الذي يستمد بذلك الغيبة إذا سمعها. انتهى

وما ذكرته من كلام قد نص على مثله الإمام النووي فقال في كتابه "الأذكار": الغيبة: ذكرك الإنسان بما يكره، سواء ذكرته بلفظك أو في كتابك، أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك. وضابطه: كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرمة، ومن ذلك المحاكاة بأن يمشي متعارجا أو مطأطئا أو على غير ذلك من الهيئات، مريدا حكاية هيئة من يتنقصه بذلك، فكل ذلك حرام بلا خلاف، ومن ذلك إذا ذكر مصنف كتاب شخصا بعينه في كتابه قائلا: قال فلان كذا مريدا تنقيصه والشناعة عليه، فهو حرام، فإن أراد بيان غلطه لئلا يقلد أو بيان ضعفه في العلم لئلا يغتر به ويقبل قوله، فهذا ليس غيبة، بل نصيحة واجبة يثاب عليها إذا أراد ذلك، وكذا إذا قال المصنف أو غيره: قال قوم أو جماعة كذا، وهذا غلط أو خطأ أو جهالة وغفلة، ونحو ذلك فليس غيبة، إنما الغيبة ذكر الإنسان بعينه أو جماعة معينين.

ومن الغيبة المحرمة قولك: فعل كذا بعض الناس، أو بعض الفقهاء، أو بعض من يدعي العلم، أو بعض المفتين، أو بعض من ينسب إلى الصلاح أو يدعي الزهد، أو بعض من مر بنا اليوم، أو بعض من رأيناه، أو نحو ذلك إذا كان المخاطب يفهمه بعينه لحصول التفهيم.

ومن ذلك غيبة المتفقهين والمتعبدين، فإنهم يعرضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم بالصريح، فيقال لأحدهم: كيف حال فلان؟ فيقول: الله يصلحنا، الله يغفر لنا، الله يصلحه، نسأل الله العافية، نحمد الله الذي لم يبتلنا بالدخول على الظلمة، نعوذ بالله من الشر، الله يعافينا من قلة الحياء، الله يتوب علينا، وما أشبه ذلك مما يفهم تنقصه، فكل ذلك غيبة محرمة، وكذلك إذا قال: فلان يبتلى بما ابتلينا به كلنا، أو ماله حيلة في هذا، كلنا نفعله، وهذه أمثلة وإلا فضابط الغيبة: تفهيمك المخاطب نقص إنسان كما سبق، وكل هذا معلوم من مقتضى الحديث الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا عن " صحيح مسلم " وغيره في حد الغيبة. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة