استحباب الحياة الدنيا على الآخرة صفة عامة لأهل الكفر

0 7

السؤال

أرسل لي أحد الزملاء تدبرا في آية "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى" ويسأل عن مدى صحة استنباطه وهو كالتالي:
"يرينا الله سبحانه عاقبة ثمود، وهي عذاب مذل لهم بما كسبت أيديهم، لكن العذاب تناسب مع الفعل، فقد فضلوا الضلال على الهدى، ورفضوا نعمة الكريم العزيز، بل واستغنوا عنها لما يضادها، وهو الضلال، وينبه الله -عز وجل- إلى فعل (استحب) وهو يدل على الميل إلى الضلال، وإن كان في ذاته غير محبوب، لكنهم من إصرارهم وصلوا لحبه، وهذه تعد من أسوإ درجات الضلال؛ إذ فيه انتكاس للفطرة، وأضرار لها، ونرى اليوم أن استحباب الضلال أصبح له شركات، ومؤسسات، ومصانع، تنتج لك برامج، وأفلام، ومسلسلات كاملة، كي تجعلك تستحب الضلال، بل قد تدافع عنه، وتدعو له، فهذا يثير عاطفتك اتجاه الزاني، وهذا يبيح الاختلاط بغير اسمه، وهذا يعلي من قيمة العلماني، وهذا يسمي استبعاد حكم الله ديمقراطية..... إلخ. بل وصلنا إلى مرحلة أسلمة استحباب الضلال، فترى فتوى تبيح لك المسلسلات. فاللهم النجاة والسلامة".

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعنى الذي ذكره السائل من رفض الهداية، واختيار الضلالة بعد التبصر، ليس خاصا بثمود! بل هو سمة عموم من أهلكهم الله وتعالى، كفرعون وآله، كما قال له موسى -عليه السلام-: قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا [الإسراء: 102] وكما قال الله تعالى عنهم: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين  [النمل: 14] وهؤلاء صناديد الكفر من قريش، قال الله تعالى في حقهم: قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [الأنعام: 33].

وكذلك استحباب الحياة الدنيا على الآخرة صفة عامة لأهل الكفر الذين يصدون عن سبيل الله، كما قال تعالى: وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد [إبراهيم: 2، 3] وقال سبحانه: ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين [النحل: 106 - 107].

كما أن هناك فرقا بين استحباب الكفر والضلال، وبين تحبيب الكفر والضلال بالدعوة إليه، وتزيينه للناس، فالأول يكون مع النفس، والثاني مع الغير.

والمؤسسات التي أشير إليها في السؤال من النوع الثاني، وأما ثمود فمن النوع الأول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات