تفسير قوله تعالى: ... وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا...

0 11

السؤال

ما هو معنى آية "وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها".
نحن نفهم من الآية أن القوم الذين نزلت فيهم هذه الآية هم قوم هداهم الله، وأنقذهم من الكفر، وهداهم للإيمان.
ولكن هل يفهم من الآية أن الأشخاص الذين نيتهم صادقة في البحث عن الدين الصحيح، ولم يهتدوا في النهاية للإسلام، هل يفهم أنهم سيذهبون إلى النار؟
لماذا قلت ذلك؟ لأنه حينما كان هؤلاء الناس (أعني: المقصودين في الآية) على الكفر، قام الله بهدايتهم للإسلام بسبب نيتهم الصادقة للبحث عن الدين الصحيح، وقام بإنقاذهم من النار؛ وعلى الرغم من صدق نيتهم لو أنهم ماتوا على الكفر كانوا سيذهبون إلى النار.
فهل يمكن ذلك؟ أم أن للآية معنى آخر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالآية الكريمة ليس فيها ما ذكرته من أن الله أنقذهم من النار لنيتهم الصادقة، بل قد يكون أنقذهم من النار بمحض فضل منه سبحانه وتعالى، فالله تعالى يهدي من يشاء فضلا، ويضل من يشاء عدلا، وهو أيضا سبحانه برحمته يوفق من علم فيه الصدق إلى فهم حججه وبراهينه، ففي سورة الأنفال: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم. {الأنفال:23}، قيل في تفسيرها لو علم فيهم صدقا وإسلاما وخيرا في سابق القضاء، وأنهم يصلحون لأسمعهم، أي: لأسمعهم سماع التفهم والقبول.

وأما قول الله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. {آل عمران:103}، فقد قال ابن كثير في تفسيره:

هذا السياق في شأن الأوس والخزرج، فإنه كانت بينهم حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة وضغائن، وإحن وذحول طال بسببها قتالهم والوقائع بينهم، فلما جاء الله بالإسلام، فدخل فيه من دخل منهم، صاروا إخوانا متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى، قال الله تعالى: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [الأنفال:62] وكانوا على شفا حفرة من النار بسبب كفرهم، فأبعدهم الله منها: أن هداهم للإيمان. وقد امتن عليهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين، فعتب من عتب منهم لما فضل عليهم في القسمة بما أراه الله، فخطبهم فقال: "يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ " كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن. اهـ

ولا تشغل نفسك أخي السائل بمن مات على الكفر؛ هل مات صادق النية أم لا؟ وهل سيدخل النار أم لا؟ والله تعالى لم يكلفك بذلك، وإنما كلفك بإنقاذ نفسك من النار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات