سرور القلب عند تذكر الذنب

0 6

السؤال

أنا شاب عمري 17 عاما، كنت أخرج وأتنزه مع فتاة، وكانت تحدث بيننا ملامسة، لكني رجعت إلى الله، وامتنعت عن ذلك؛ لكي يجعلها الله من نصيبي، ويحفظها لي، ويجمعنا في الحلال، وأعرف أن من شروط التوبة الندم على ما فعلت، لكنني لا أشعر بأي ندم، وأرى أن تلك الفترة هي أسعد فترات حياتي، وأتمنى أن تعود مجددا، لكني أخاف الله، فهل يقبل الله توبتي؟ وأنا أيضا أحدثها في الهاتف للسؤال عن حالها، ومشاركتها همومها، ولا نتلفظ بأي غزل، فهل هذا يجوز؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فهذه العلاقات التي شاعت بين الشباب والفتيات بدعوى الحب والرغبة في الزواج؛ باب شر وفساد عريض، تنتهك باسمه الأعراض، وترتكب خلف ستاره المحرمات.

وكل ذلك بعيد عن هدي الإسلام الذي صان المرأة، وحفظ كرامتها وعفتها، ولم يرض لها أن تكون ألعوبة في أيدي العابثين، وإنما شرع للعلاقة بين الرجال والنساء أطهر سبيل، وأقوم طريق بالزواج الشرعي لا سواه، وانظر الفتوى: 1769.

فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وذلك بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل منك من تعد لحدود الله، والعزم على عدم العود.

ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.

فمن صدق توبتك أن تبادر بقطع علاقتك بهذه الفتاة فورا، ولا تتهاون في ذلك؛ بدعوى أن الكلام بينكما في أمور مباحة، وبغرض السؤال والاطمئنان، فهذا من خطوات الشيطان، والتهاون فيه يؤدي إلى عواقب وخيمة؛ ولذلك نص بعض الفقهاء على المنع من مكالمة الأجنبية دون حاجة، قال العلامة الخادمي -رحمه الله- في كتابه: بريقة محمودية (وهو حنفي) قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة. انتهى.

فاتق الله، وقف عند حدوده، وأغلق باب الفتنة بقطع تلك العلاقة.

وإذا كنت راغبا في زواجها، وقادرا عليه، فبادر بالزواج، وإلا فانصرف عنها، واشغل نفسك بما ينفعك، وراجع الفتوى: 127186.

واعلم أن التفات قلبك إلى الذنب، وسرورك به عند تذكره؛ دليل على عدم صدق التوبة؛ فإن من صدق التوبة عدم التفات القلب إلى الذنب، قال ابن القيم -رحمه الله-: ومن اتهام التوبة أيضا: ضعف العزيمة، والتفات القلب إلى الذنب الفينة بعد الفينة، وتذكر حلاوة مواقعته. انتهى.

كما أن ذلك ينافي تحقق الندم الذي هو ركن التوبة الأعظم.

والسبيل إلى تحقيق الندم، والباعث عليه؛ أن ينظر العبد إلى عظم جنايته؛ تعظيما لحق الله تعالى، وتصديقا بالجزاء في الآخرة، قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: فأما تعظيم الجناية فإنه إذا استهان بها لم يندم عليها. وعلى قدر تعظيمها يكون ندمه على ارتكابها؛ فإن من استهان بإضاعة فلس -مثلا- لم يندم على إضاعته، فإذا علم أنه دينار اشتد ندمه، وعظمت إضاعته عنده.

وتعظيم الجناية يصدر عن ثلاثة أشياء: تعظيم الأمر، وتعظيم الآمر، والتصديق بالجزاء. انتهى.

وانظر الفتوى: 168081.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات