تخيير المرأة زوجها بين طلاقها ومقاطعة أمّه وأخته واتهامها لهما بالسحر

0 9

السؤال

أنا متزوج منذ 8 سنوات، ولي ابن وبنت، وزوجتي على خلاف دائم منذ بداية الزواج مع والدتي، وبعدها بفترة مع أختي، مع العلم أنهما دائما المتسببتان في المشاكل، وتتحدثان عني وعن زوجتي للغريب والقريب بما ليس فينا، وعندما أغمضت عيني منذ أيام، دار بذهني أن أطلق زوجتي، وأن أبيع بيتي. أطلق زوجتي بدلا من أن أقتلها، مع العلم أنه لا يوجد خلاف بيني وبين زوجتي، فأخبرت والدة زوجتي بما حدث؛ فأخذت ابنتها خوفا عليها، وفي اليوم التالي في وقت النوم، هناك شيء يقول لي: اقتل نفسك؛ فذلك أفضل من كل هذه المشاكل.
وعند سؤال أكثر من شيخ قالوا: إنه تسخير جن للتفرقة، وأجمعوا أن أمي أو أختي هما من فعلتا هذا، ومن وقتها وزوجتي تخيرني بين الطلاق أو مقاطعة أمي وأختي نهائيا، ولا أعلم ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

   فاعلم أولا أن حدوث المشاكل بين الزوجة وأم الزوجة أو أخواته، من الأمور التي تحدث كثيرا؛ بسبب الغيرة، أو نوع من سوء التفاهم، أو لغير ذلك من الأسباب.

والمطلوب في مثل هذه الأحوال أن يتحرى الزوجان الحكمة، والاجتهاد في سبيل أن لا يكون للشيطان مدخل لإحداث الفرقة بينهما، وتشتيت شمل الأسرة.

ونوصيك بكثرة الدعاء، وسؤال الله عز وجل تفريج الهم، وتنفيس الكرب، فهو المرجو منه أن يحقق ذلك، فهو القائل سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.

  ولا يلزم أن يكون سبب ما ذكر من أمر الجن، فقد تكون مجرد هواجس وخواطر بسبب الضغوط النفسية، وتكون في حاجة إلى مقابلة أهل الاختصاص من الأطباء.

وإذا غلب على الظن أن يكون السبب شيئا من السحر، ونحوه، فينبغي الحرص على الرقية الشرعية، هذا بالإضافة إلى الاجتهاد في الدعاء، والإكثار من الذكر. وراجع الفتوى: 4310، وهي عن الرقية الشرعية.

وننبه هنا إلى وجوب الحذر من اتهام أمك وأختك بعمل السحر، ونحوه من غير بينة؛ فالأصل براءة الذمة، وحمل الحال على المحمل الحسن؛ حتى يثبت خلافه.

 والواجب عليك الحذر من الاستجابة لهذه الوساوس أو الهواجس بقتل نفسك، أو قتل زوجتك؛ فإن ذلك يعني خسران الدنيا والآخرة.

فإن انتابك شيء من ذلك، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من الذكر؛ لتهدأ نفسك، قال تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}. وراجع الفتوى: 19156، والفتوى: 8676.

 والأصل أنه لا يجوز لزوجتك طلب الطلاق، إلا إذا خشيت على نفسها ضررا حقيقيا؛ لما ورد من النهي عن سؤال المرأة زوجها الطلاق في غير ما بأس، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 37112.

وليس من حقها أن تخيرك بين الطلاق، وبين مقاطعة أمك وأختك.

والذي نوصيك به إضافة إلى ما أسلفنا من أمر الدعاء: أن يجلس العقلاء من أهلك وأهل زوجتك؛ للنظر في الأمر، والسعي في الإصلاح ما أمكن؛ فالصلح خير.

وإن ترجحت مصلحة الطلاق، فينبغي المصير إليه، وخاصة مع استحالة العشرة، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى. وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة. فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

 وننبه إلى أن الأصل أنه لا يجوز لمرأة أن تخرج من بيت زوجها، ولا أن تخرجها أمها، أو أن تطيعها ابنتها في ذلك، إلا لضرورة، كأن يكون هنالك ضرر حقيقي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة