مذاهب العلماء في مطالبة المرتد إذا أسلم بحقوق العباد

0 20

السؤال

جار لنا ارتد، ثم أراد الرجوع إلى الإسلام والتوبة. إلا أنه يقول هل حقوق العباد تسقط عنه إذا تاب؟ أم لا بد من التحلل؟
ومن ثم هل يفرق بين ما ارتكبه في حقوقهم بين الحقوق المالية، وبين الحقوق البدنية التي تكون بالضرب، وكذلك حقوق الغيبة، والسب، واللعن؟
مع أقوال العلم. جزاكم الله تعالى خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالواجب على ذلك المرتد أن يبادر إلى التوبة، ويسلم، ولا يؤخر ذلك -تفكيرا في حقوق العباد- بل عليه أن يتوب من الردة إنقاذا لنفسه من النار، وقياما بحق الله تعالى عليه.

وأما حقوق العباد: فقد اختلف الفقهاء في المرتد إذا أسلم هل يطالب بحقوق العباد أم لا؟ على قولين.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين. {الأنفال:38}. قال: فأما المرتد إذا أسلم وقد فاتته صلوات، وأصاب جنايات وأتلف أموالا، فقيل: حكمه حكم الكافر الأصلي إذا أسلم، لا يؤخذ بشيء مما أحدثه في حال ارتداده. وقال الشافعي في أحد قوليه: يلزمه كل حق لله عز وجل وللآدمي، بدليل أن حقوق الآدميين تلزمه فوجب أن تلزمه حقوق الله تعالى. وقال أبو حنيفة: ما كان لله يسقط، وما كان للآدمي لا يسقط. قال ابن العربي: وهو قول علمائنا، لأن الله تعالى مستغن عن حقه، والآدمي مفتقر إليه. ألا ترى أن حقوق الله عز وجل لا تجب على الصبي وتلزمه حقوق الآدميين. قالوا: وقوله تعالى:" قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" عام في الحقوق لله تعالى. اهــ

ونقل بعض العلماء الاتفاق على تضمين المرتد ما أتلفه من الأموال كالمسلم سواء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كالمسلم إذا ظلم المسلم والمرتد الذي أتلف مالا لمسلم، وليس بمحارب بل هو في الظاهر مسلم أو معاهد، فإن هؤلاء يضمنون ما أتلفوه بالاتفاق. اهــ

وعلى هذا لا يسقط عن المرتد إذا أسلم شيء من الحقوق لا المالية ولا غيرها؛ كالضرب ونحوه.

وأما الغيبة: فالمفتى به عندنا أنه يكفي التائب منها الندم والاستغفار، وذكر محاسن الذين اغتابهم، ولا يلزمه التحلل منهم وإخبارهم بأنه اغتابهم. وانظر الفتوى: 412702.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة