سبب بطلان صلاة من صلى وهو يشك في دخول الوقت

0 6

السؤال

هذا السؤال مهم جدا بالنسبة لي، وأرجو الإجابة عليه.
سؤالي هو: هل يشترط لصحة العبادة اعتقاد أنها صحيحة؟ سوف أشرح للتوضيح: أنا رأيت فتوى بموقعكم أن من صلى وهو شاك في دخول الوقت، ولم يغلب على ظنه دخول الوقت، فصلاته باطلة، حتى لو وقعت في وقتها. ولا أدري ما هو سبب البطلان؟ هل لأنه فعلها، وهو ليس متيقنا أن صلاته صحيحة؟ فإذا كان هذا سبب بطلانها، فهل يعني يجب اعتقاد صحة العبادة قبل فعلها؛ لأني أحيانا أفعل العبادة دون اعتقاد صحتها؛ لأني أشك أنها تكون مثلا بدعة، ولكن أفعلها، وأقول إن كانت صحيحة، فالحمد لله. فهل كل عباداتي تكون باطلة إذا كانت دون اعتقاد صحتها؟
أو مثلا توضأت بوجود حائل يسير تحت الأظافر، وكنت شاكا في صحة الوضوء، ولكن توضأت، ثم بحثت، واكتشفت أنه صحيح. هل يكون باطلا؛ لأنه دون اعتقاد صحته قبل الوضوء؟
وسؤال آخر بسيط: هل يشرع أن أدلك يدي عند غسلها ثلاث مرات عند الاستيقاظ؟ أو دلك الذكر مع الخصيتين عند التطهر من المذي؟ أم الدلك فقط يشرع في الوضوء والغسل؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في فتاوى كثيرة أن من صلى شاكا في دخول الوقت لم تصح صلاته، وإن ظهر أنه صلى في الوقت، وقد ذكر بعض العلماء أن سبب البطلان ــ مع أنه صلاها في وقتها ــ أنه لما أقدم على الصلاة قبل دخول وقته حسب ظنه، فإنه أقدم عليها، وهو يعتقد بطلانها، وأنها صلاة غير جائزة، فلا يحكم بصحتها بعد ذلك.

قال ابن عابدين في حاشيته: لو صلى وعنده أنه محدث، أو أن ثوبه نجس، أو أن الوقت لم يدخل، فبان بخلاف ذلك لا يجزيه في ذلك كله؛ لأن عنده أن ما فعله غير جائز. اهــ.

ومثله قول ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: أو صلى الفرض وعنده أن الوقت لم يدخل، فظهر أنه كان قد دخل لا يجزئه؛ لأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه، فلا ينقلب جائزا إذا ظهر خلافه. اهــ.

وبعض الفقهاء عبر عن سبب البطلان بتردد نيته، وعدم تيقنه من براءة ذمته.

جاء في حاشية الدسوقيإذا تردد هل دخل وقت الصلاة أو لا على حد سواء، أو ظن دخوله ظنا غير قوي، أو ظن عدم الدخول، وتوهم الدخول؛ سواء حصل له ما ذكر قبل الدخول في الصلاة، أو طرأ له ذلك بعد الدخول فيها؛ فإنها لا تجزيه لتردد النية، وعدم تيقن براءة الذمة؛ سواء تبين بعد فراغ الصلاة أنها وقعت قبله، أو وقعت فيه، أو لم يتبين شيء. اللهم إلا أن يكون ظنه بدخول الوقت قويا، فإنها تجزئ إذا تبين أنها وقعت فيه.. اهــ.

ومثله ما لو شك في استيعاب غسل شيء من أعضاء الوضوء أثناء الوضوء بسبب وجود حائل -مثلا- فإنه لا يجزئه، ولا بد من العلم، أو غلبة الظن باستيعابه، وإيصال الماء إلى كل محل الفرض.

جاء في تحفة المحتاج: ويأخذ الشاك في استيعاب أو عدد باليقين وجوبا في الواجب.... نعم يكفي ظن استيعاب العضو بالغسل، وإن لم يتيقنه. اهــ

قال الشرواني في حاشيته عليه: قوله: وجوبا في الواجب وندبا إلخ ... فلو شك في استيعاب عضو وجب عليه استيعابه. اهــ

وفي إعانة الطالبين: ولا يجب تيقن عموم الماء جميع العضو بل يكفي غلبة الظن به. اهــ

ويؤخذ من هذا أنه لا يفعل المسلم العبادة وهو يعتقد بطلانها، وهو في هذه الحال أقرب إلى اللعب والعبث منه إلى التعبد، وكذا لا يفعلها وهو شاك في استيفاء شيء من شروط صحتها؛ لأنه حينئذ لا يكون متيقنا؛ ولا غالبا على ظنه ببراءة ذمته فيها.

وهذا يختلف عما ذكرته -أخي السائل- من فعل شيء تشك أنه بدعة مثلا، فكلام الفقهاء السابق إنما هو في عبادة يعلم المسلم مشروعيتها، ولكنه يشك في استيفاء شروط صحتها، وأما ما يشك في أصل مشروعيته: هل هو عبادة أو بدعة؟ فإنه لا بد من سؤال أهل العلم، والتحقق من أن ما يريد فعله عبادة شرعها الله تعالى أم لا، فالله تعالى أنما يعبد بالعلم، وبما شرع؛ لا بالجهل، وبما لم يشرع.

وأما غسل اليدين عند القيام من النوم فهو مشروع قبل إدخالهما في الإناء احتياطا من أن تكونا قد أصابهما قذر أو نجاسة، كما سبق بيانه في الفتوى: 125316. فلو دلكهما فلا شك أنه أبلغ في إيصال الماء إلى سائر اليدين،  

وأما بخصوص الاستنجاء من المذي، فإنما يكون في قول أكثر أهل العلم بغسل المحل بالماء حتى تزول النجاسة التي على رأس الذكر، فإن غسل الذكر والأنثيين كذلك فلا بأس، ولا بأس كذلك بدلكهما مع الغسل.

وراجع بشأن كيفية تطهير المذي الفتوى: 50657. وانظر للفائدة الفتوى: 123933.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة