توبة من نشر صور أمّه على الإنترنت انتقامًا منها بسبب تحدثها مع الرجال

0 3

السؤال

أنا شاب عمري 23 سنة، عندما كنت صغيرا شاهدت أمي تتكلم مع الرجال على النت، ومرات على الهاتف، ولم أستطع التحمل، فكرهتها، وبعدها غرني الشيطان، ودخلت عالم الدياثة، وصرت أرسل صورها للناس، وأتجسس عليها، وكل هذا لأنني كنت أريد أن أنتقم منها، ومن فعلها، ‎كان عمري 17 سنة تقريبا؛ حتى استطعت التوقف الآن، بعدما أحسست بتأنيب الضمير، والخوف من الله، وأني أظلم أمي التي تأكدت أنها تابت عن الأمر.
‎ابتعدت عن دراستي، أهملت صحتي النفسية و‎الجسدية، وصرت مكتئبا، وأتمنى الموت خاصة بعد مرض أخي، وموته من السرطان، ولا أستطيع النوم من كثرة التفكير.
وقد حدثت لي الكثير من الضغوطات عندما كنت صغيرا، ومازالت تحدث، ‎لكني نادم، وخائف من الله، وأريد التوبة إليه توبة نصوحا، ومن شروط التوبة التوقف، والندم، والعزم عن تركها مستقبلا، وكل هذه الشروط متوفرة، لكن هل يجب طلب الغفران من أمي، ومصارحتها بالأمر، أم أستر الأمر، وأتركه لله؛ لأني خائف أن يحصل لها شيء، خاصة أنها مريضة.
دعواتكم لي بالهداية والتوفيق في التوبة، كما أتمنى أن تنصحوني كيف أحسن حياتي، وأطمئن قلبي؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك، ويغفر ذنبك، وأن يرزقك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.

 وما قمت به من التجسس على أمك وعملك على فضحها، أمر خطير، وأنت بذلك قد بلغت في العقوق مبلغا عظيما؛ فإساءة الأم لا تسوغ أن يسيء لها ولدها، بل إن من حقها عليه أن يبرها، ويحسن إليها على كل حال، كما سبق أن بينا في الفتوى: 299887. وأنت قد قمت بذلك بعد أن بلغت مبلغ الرجال، أي أنك أصبحت مكلفا مسؤولا عن أعمالك، ومحاسبا عليها، وتجد في الفتوى: 26889 بيان علامات البلوغ.

وقد أحسنت بالإقبال على التوبة من هذا الجرم العظيم.

ولا شك في أن من شروط التوبة من العقوق أن تستسمح أمك، وتعتذر لها عما فعلت معها؛ لأن هذا من شروط التوبة من حقوق العباد، وانظر الفتوى: 29785، فهذا هو الأصل أن تستسمحها فيما فعلت، ولكن هذا قد تكون مفسدته أعظم في الغالب، وخاصة مع ما ذكرت من مرض أمك، فيكفيك أن تكثر من الدعاء لها بخير، وأن تجتهد في برها، والإحسان إليها، وراجع الفتوى: 18180.

ويجب عليك إزالة آثار هذا الذنب من الصور التي أرسلتها، وغيرها، وما تعجز عنه معفو عنه، كما بين أهل العلم، ويمكنك مطالعة الفتوى: 387301.

وإذا صدقت في التوبة، تقبل الله توبتك، فهو الغفور الرحيم، وهو القائل: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه:82}، وفي مسند أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، قبل منه.

فأحسن الظن بربك، واستقم على طاعته، واتخذ الوسائل المعينة لك على ذلك.

ويمكنك أن تستفيد من بعض التوجيهات التي ضمناها في الفتاوى: 1208، 10800، 12928.

فالتوبة والاستقامة من أعظم ما يعينك على التخلص من الضغوطات النفسية، هذا بالإضافة إلى كثرة ذكر الله، وتلاوة القرآن، والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات