من علم بعد وفاة جدّته أنها كتبت له نصف أملاكها بيعًا

0 7

السؤال

أريد حكم الشرع في نازلة عرضت علي. أخ قامت جدته لأمه قبل موتها بوضع مبلغ مالي في حسابه دون علمه، وهو يتابع علاجها في الخارج، ويسأل هل هذا لا يشكل وزرا على جدته في القبر؟ وعلم بعد الوفاة أن جدته كتبت له نصف أملاكها بيعا، فما حكم الشرع في هذا؟ وهل هو حلال أم يشكل وزرا على جدته؟ مع العلم أن ذوي الحقوق ميسورون.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا نرى على هذه الجدة من وزر بسبب ما ذكر في السؤال؛ لأن العدل بين الأبناء في الهبة -وإن قلنا بوجوبه خلافا لجمهور الفقهاء- إنما يجب بين أبناء الصلب المباشرين، بخلاف أبناء البنات، وسائر الأقارب، فلا يجب، كما سبق بيانه في الفتوى: 77744

ويبقى السؤال عن حكم المبلغ الذي وضعته الجدة في حساب ابن ابنتها، فهذا إن علم به قبل وفاة جدته، وقبله، فهو هبة صحيحة، إن كانت الجدة أودعته في حال صحتها ورشدها.

وأما إن كان لم يعلم به، ومن ثم؛ لم يقبله قبل وفاة الواهبة، فلا تصح الهبة، وترد إلى التركة.

وهكذا حكم ما علم به بعد وفاة جدته مما كتبته له من نصف أملاكها: يرد إلى التركة، ويقسم على جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية؛ لأن الهبة لا تصح إن مات الواهب قبل علم الموهوب له بها، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: إذا لم يعلم الموهوب له بها إلا بعد موت الواهب، فإنها تبطل، كما في المدونة، وغيرها ...

تحصيل القول في هذه المسألة: أن الرجل إذا وهب شيئا هو في يده، أو دينا عليه، فإن علم في حياة الواهب وقبل، جازت له الهبة اتفاقا ... وإن لم يعلم بالهبة حتى مات، بطلت باتفاق ... اهـ. 

وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار: صح القضاء من الخليفتين أبي بكر، وعمر، وروي ذلك عن عثمان، وعلي: أن الهبة لا تصح إلا بأن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، وينفرد بها دونه. اهـ. 

وقال أيضا: اتفق مالك، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم أن الهبة لا تصح إلا بالحيازة لها.

ومعنى الحيازة: القبض بما يقبض به مثل تلك الهبة .. والهبة عند مالك على ما أصفه لك تصح بالقول من الواهب، والقبول من الموهوب له، تتم بالقبض، والحيازة ... وإن لم يقبضها حتى يموت الواهب، بطلت الهبة عنده. اهـ. 

وهذا نظير ما ذكره الدردير المالكي في الشرح الصغير، في هبة الوديعة لمن هي عنده، قال: الواهب إذا وهب وديعة لمن هي عنده، فإن علم وقبل قبل موت الواهب، صحت اتفاقا، وإن قبل بعد موته، بطلت عند ابن القاسم. وإن لم يعلم حتى مات، بطلت اتفاقا. اهـ.

وراجع للفائدة الفتاوى: 69211، 422689، 418207.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة