هجر أقارب الزوجة مدة طويلة استدلالًا بحديث: "أَوَّلَ مَا دخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ ..

0 5

السؤال

زوجي قاطع أمي وأخي؛ لأنهما ذهبا لحفل تخرج قريب لنا من كلية الشرطة في مصر؛ محتجا بحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: يا هذا، اتق الله، ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله، وشريبه، وقعيده، فلما فعلوا ذلك، ضرب الله قلوب بعضهم ببعض....
فقال: إنه يقاطعهم؛ لأنهم احتفلوا بمن سيكون عونا للظالمين، وهذا أمر منكر، وقد أنكرت عليهم الأمر، خاصة أنه ليس من عادتهم الذهاب للأفراح المختلطة، والتي فيها معازف، وكان الحفل مختلطا أيضا ،وبه معازف، وأنكرت عليهم إظهار الفرح للتخرج من مثل تلك الكلية، وأنكرت مكثهم في مكان فيه مخالفات، لكني لم أقاطعهم، فهل ما ذهب إليه زوجي من مقاطعتهم لما يزيد على العام صحيح؟ علما أنه لم يمنعني عن زيارتهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلم يأت الشرع فيما نعلم بهجر العاصي بإطلاق، وإنما جاء الشرع بهجره حال معصيته بأن لا يقعد معه وهو على تلك المعصية.

كما جاء الشرع بهجر العاصي إذا ترتب على هجره مصلحة، وتقدير هذا يختلف باختلاف حال الهاجر والمهجور، وما يظن أنه سيترتب على ذلك الهجر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله.

فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته، كان مشروعا.

وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوما، ويهجر آخرين. اهــ.

والحديث المذكور في السؤال: أول ما دخل النقص على بني إسرائيل ... حديث ضعفه أهل العلم.

فقد أعله الدارقطني، وقال: الأصح أنه مرسل. وكذا قال أبو حاتم الرازي، كما في العلل لابن أبي حاتم، والحديث ضعفه شعيب الأرناؤوط، والألباني، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني تحت رقم: 1105.

ثم إنه لو صح؛ فإنه لا يفيد الهجر بإطلاق، بل يفيد هجر العاصي، وهو على تلك المعصية، كما يدل عليه قوله: ثم يلقاه من الغد وهو على حاله.

والذي نراه صوابا أنه لا يحل لزوجك هجرهم كل هذه المدة؛ لمجرد أنهم شاركوا في ذلك الحفل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة