استجابة دعاء المظلوم لا تتعين في رفع الظلم عن المظلوم وردّ الحق إليه

0 22

السؤال

لماذا لا يسمع الله نداء المظلوم الفقير؟ فأنا تعرضت لظلم قبل اثني عشر عاما، أفسد حياتي بالكامل، وأصبحت عاجزة، وعانسا، فقد أصبحت في الثالثة والأربعين، وانتهت حياتي -اجتماعيا، ونفسيا-، ومن ظلمني يعيش بهناء، ولم أستطع رد الحق المسلوب لضعفي وعجزي، وأصبحت أشك في أن ما تعلمناه ليس صحيحا، وأنه لا يوجد شيء اسمه: دعوة المظلوم، وغيرها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد

فهذا كلام سيئ قبيح، يجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى منه، وإياك وسوء الظن بالله تعالى؛ فإنه سبيل هلكة.

والله تعالى عند ظن عبده به، فأحسني الظن بربك، وثقي بكمال حكمته، وأن تدبيره للعبد هو خير من تدبير العبد لنفسه، وصنعه واختياره للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

والله تعالى له في كل قضاء يقضيه حكمة بالغة، فقد يقدر وقوع البلاء، ونزول الضر بعبد من عباده؛ ليختبر إيمانه، ويبلو صبره، ويرفعه بصبره وثباته ورضاه بحكم الله درجات، لم يكن لينالها لولا تقدير هذا البلاء، أو يمحص عنه ذنوبا ارتكبها لم تكن لتمحص لولا هذا البلاء.

فإياك والرسوب في هذا الامتحان، فتكوني قد جمعت بين شقاء الدنيا، وذهاب الأجر في الآخرة.

والله يحب سماع دعاء عبده، وإلحاحه فيه، ويستجيب له إذا استوفى دعاؤه شروط القبول.

ودعوة المظلوم مظنة الاستجابة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.

ولكن الاستجابة لا تتعين في رفع الظلم عن المظلوم، ورد الحق إليه، بل استجابة الدعاء لها صور: فإما أن يصرف الله عن العبد من السوء مثل ما دعا به، وإما أن يحقق له مطلوبه، وإما أن يدخر دعوته له يوم القيامة، ففي مسند الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. وإسناده جيد، كما قال الأرناؤوط.

قال البرماوي في اللامع الصبيح: دعاء المؤمن لا يرد، وإن تأخر، وإن سؤال ما لم يكن في نفس الأمر مصلحة يعوض عنه بما هو مصلحة، وقد يؤخر التعويض إلى يوم القيامة.

فعليك أن تتوبي إلى الله، وأن تستسلمي لحكمه، وتفوضي لأمره، وترضي بقضائه وقدره، وتحسني به الظن، وتعلمي أن الخير كله بيديه، وأنه فيما يقدره ويقضيه سبحانه.

ولا تكفي عن الدعاء، ولا تدعيه؛ ففي ذلك الخير الكثير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة