مذهب المالكية في من شك في الخارج أثناء النوم

0 20

السؤال

أنا فتاة من الجزائر عمري 24 عاما، غير متزوجة، وأعاني من تكيس في الرحم، واضطراب في الدورة الشهرية، وهذه المشكلة جعلتني أبحث كثيرا في الإنترنت؛ حتى أتعرف إلى جميع إفرازات المرأة، وبعد الاطلاع عرفت المني والمذي والودي وأسبابها، وقرأت عنها، وبعدها صارت تأتيني وساوس حول أسباب خروج المني، وأحاول إبعادها، ولكنها لا تذهب رغما عني، علما أني لا أتعامل مع الذكور إلا إخوتي، وأولاد إخوتي، فصرت كارهة لنفسي كثيرا، وبعدها صارت تأتيني وساوس حول الاحتلام، فإذا وجدت إفرازا بعد الاستيقاظ من النوم، أظنه منيا، فأغتسل، فصرت أغتسل في اليوم الواحد أكثر من مرة، وأصبحت أعاني كثيرا من هذا الوسواس، وصرت أمنع نفسي من النوم؛ خوفا من خروج شيء، وقد أرهقني هذا كثيرا، وأحرجني أمام أهلي، فمهما قرأت عنه لم أفهم، وقد قرأت عنه أنه رقيق أصفر، ولم أفهم هل هو يشبه البول؟ وهل كل إفراز أجده بعد النوم هو مني؟ فالمرأة عندها إفرازات طبيعة، وأخرى ناتجة عن الأمراض، والالتهاب، والتكيس، فلم أستطع التفريق بين المني، وهذه الإفرازات.
ومذهبي هو المذهب المالكي، والمذهب المالكي يوجب الغسل في حالة الشك؛ وكلما حاولت إبعاد هذه الوساوس، والقول: إنه ليس منيا، تذكرت أن المذهب المالكي يجب فيه الغسل في حالة الشك، فأريد منكم فتوى تفيدني في ديني ودنياي؛ لأني أصبحت شبه مهملة للصلاة بسبب الاغتسال، والشك في طهارتي، فأرجو منكم أن تفيدوني في أسرع وقت. وشكرا لكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:                                         

 فقد تضمن سؤالك عدة أمور, وسيكون تفصيل ذلك في النقاط التالية:

1ـ قد تبين من سؤالك أن الوساوس قد بلغت منك مبلغا عظيما -نسأل الله تعالى لك الشفاء منها-.

وننصحك بالإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها؛ فإن ذلك علاج نافع لها, وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 3086.

2ـ مني المرأة رقيق أصفر, ولا يشبه البول، جاء في شرح الدردير المالكي: وأما مني المرأة: فهو رقيق أصفر، بخلاف الرجل، فإنه ثخين أبيض. انتهى.

 3ـ ليس كل إفرازات تجدينها بعد النوم، تعد منيا؛ وبالتالي فقد كنت مخطئة في الإكثار من الاغتسال لأجل رؤية أي بلل، فهذا لا شك من الوسوسة, والتنطع.

والمفتى به عندنا أنه إذا شككت في رؤية مني, أو غيره, فأنت مخيرة بين غسل الجنابة, وعدمه, ولا يجب عليك الغسل، كما تقدم في الفتوى: 181641، وهذا المذهب أرفق بك, وأقطع للوسوسة.

ولا يجب عليك تقليد مذهب المالكية؛ فإن العامي يجوز له أن يقلد من يوثق بعلمه، ودينه من أهل العلم، ولا يجب عليه تقليد مذهب بعينه، وراجعي الفتوى: 186941.

وقد ذكرنا في الفتوى: 110928 أنواع الإفرازات المتعلقة بالمرأة, وما يترتب عليها من أحكام، فراجعيها إن شئت.

4ـ من شك في الخارج أثناء النوم هل هو مني أم غيره؟ وجب عليه الغسل، على المشهور عند المالكية، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: قوله: أمذي، لا خصوصية للمذي، بل إذا شك هل هو مني أم لا. اهـ.

وقال محمد عليش منح الجليل على مختصر خليل المالكي: (وإن شك) من وجد بفرجه أو ثوبه أو بدنه بللا أو أثرا في جواب (أ) هو (مذي أو مني) شكا مستويا فيهما (اغتسل) وجوبا؛ للاحتياط، كمتيقن الطهارة الشاك في الحدث بعدها، هذا هو المشهور، وروى علي بن زياد لا يلزمه إلا الوضوء مع غسل ذكره. اهـ.

أما إذا كان الشك دائرا بين ثلاثة أمور -كالمني, والمذي, والودي مثلا-, لم يجب الغسل، جاء في الشرح الكبير للدردير: ودل قوله: أمذي أم مني أن شكه دائر بين أمرين: أحدهما: مني، فإن دار بين ثلاثة -كمذي ومني وودي أو بول- لم يجب غسل؛ لضعف الشك في المني حينئذ؛ إذ هو بالنسبة لمقابليه وهم. اهـ.

5ـ عليك من الحذر من تضييع الصلاة, أو التهاون بها لأي سبب كان.

وجاهدي نفسك على الابتعاد عن الوساوس, وأكثري من الدعاء, والاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة