حق الأم في منع ابنها من الهجرة إلى بلد مسلم لتربية أولاده

0 10

السؤال

أنا طبيب مقيم في ألمانيا، وأهلي وإخوتي معي؛ بسبب ظروف بلدنا الأم، ورزقت بابنة منذ سنتين، وأبحث عن عمل في بلد عربي مسلم؛ لتربية ابنتي بالدرجة الأولى، وتحصيل عمل أفضل ثانيا، مع العلم أن العمل الخاص في ألمانيا يحتاج إلى قرض ربوي، ولا يمكن للمرء تحمل البقاء موظفا في عيادة أحد مدة طويلة، فضلا عن أن فرص العمل في المدينة التي نقيم فيها قليلة نسبيا، ووالدتي غير راضية عن ابتعادي مع عائلتي خارج المدينة مطلقا؛ حتى لو اضطرني الأمر للعمل بما هو دون تحصيلي العلمي.
ولو كان العمل همي الوحيد لبقيت قطعا، لكن مستقبل تربية ابنتي هنا -وأولادي إن رزقت بأكثر- تشكل لي مشكلة نفسية كبيرة، والنية تيسير سكن لأهلي معي في البلد العربي عند وصولهم لسن التقاعد في السنين القادمة. وأنا محتار جدا، وأطلب مشورتكم، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن حق الأم على ولدها عظيم، وبرها وطاعتها في المعروف من أوكد الواجبات، ومن أفضل الطاعات، لكن ليس من حقها منعك من السفر الذي فيه مصلحتك، ولا خطر فيه، جاء في الفروق للقرافي -رحمه الله-: وإن كان المقصود منه -السفر- دفع حاجات نفسه، أو أهله، بحيث لو تركه تأذى بتركه، كان له مخالفتهما؛ لقوله عليه السلام: لا ضرر، ولا ضرار، وكما نمنعه من إذايتهما، نمنعهما من إذايته. انتهى.

وقال زكريا الأنصاري في شرح البهجة الوردية: أما السفر الذي يغلب فيه الأمن، فلا منع منه -لتجارة، أو غيرها-؛ كي لا ينقطع معاشه، ويضطرب أمره. انتهى.

 وعليه؛ فما دمت محتاجا للسفر إلى بلد مسلم تعمل فيه، وتأمن على أولادك؛ فلا حرج عليك في السفر دون إذن أمك، ولا تكون عاقا لها بمخالفتها في هذا الأمر، لكن عليك أن تجتهد في برها، والإحسان إليها، وتسعى في استرضائها بطيب الكلام، وحسن الأفعال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة