اليأس من رحمة الله تعالى أخطر من الذنوب

0 9

السؤال

أنا فتاة ملتزمة، والحمد لله، وأشغل أغلب وقت فراغي بحفظ القرآن، ولكن حين آوي إلى فراشي أنهزم أمام معصية واحدة فقط. وتراودني فكرة أن الله لن يغفر لي، وأنه لا يحبني. فأنا كثيرا ما أتوب، ثم أعود لتلك المعصية القبيحة. أتركها أشهرا، ثم أعود لها في لحظة لا أشعر كيف، وعندما تذهب لذه المعصية أبكي بحرقة كيف أنني انهزمت؟ وكيف أنني عصيت الله الذي ينظر لي في كل وقت وحين.
ماذا أفعل؟ تعبت من نفسي، أشعر بأنني منافقة، أشعر بأن الله لا يحبني؛ لذلك ما زلت أعصيه.
أرشدوني؛ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فإن كنت تقصدين أنك إذا خلوت بنفسك وقعت في المعصية؛ كالاستمناء، أو النظر إلى المحرمات، ونحو ذلك.

فعليك أولا: أن تعلمي أن ذنوب الخلوات من أقبح الذنوب وأخطرها، فاحذري منها، فعن ثوبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله -عز وجل- هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله، صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم، ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

 فعليك أن تجاهدي نفسك في التخلص منها، والله تعالى يقول: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}، ومهما عدت فوقعت فيها، فلا تملي من تكرار التوبة، فإن الله يتوب على العبد ما تاب العبد إليه، وكلما أذنب العبد، وتاب توبة نصوحا صادقة؛ فإن الله يتوب عليه؛ لأنه واسع الكرم، عظيم الفضل والجود والمن -تبارك وتعالى

فلا تيأسي من رحمة الله تعالى، فاليأس من رحمة الله تعالى أخطر من الذنب نفسه، وتوبي كلما أذنبت مهما تكرر منك الذنب، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيما يحكي عن ربه -عز وجل-، قال: أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك.

ومعنى الحديث: ما دمت يا ابن آدم تذنب، فتتوب توبة نصوحا صادقة، فإني أتوب عليك، وأغفر لك.

وأكثري من الحسنات الماحيات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، والزمي الذكر، والدعاء، والتضرع لله تعالى، حتى يصرف عنك هذه المعصية، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه -سبحانه- يقلبها كيف يشاء، نسأل الله لك التوفيق والهداية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات