قول جدّ المرأة لأمّها أو لأبيها الموكّل في عقد النكاح: "زوّجتك ابنتي"

0 13

السؤال

أسأل فضيلتكم عن إشكال وقع في صيغتي عقد زواج، وقبل ذكر الصيغتين أوضح أن صيغة العقد في عرف بلادنا يتقدم فيها القبول على الإيجاب، فيبدأ بالكلام ولي الزوج بلفظ الطلب: (زوج لي ابنتك فلانة لولدي فلان...)، لكن الإشكال ليس في تقدم القبول على الإيجاب؛ لأنكم بينتم في أحد فتواكم أن جمهور أهل العلم على صحته، وإنما الإشكال في مضمون الصيغتين، فأنا أذكرهما لكم لتحكموا عليهما:
الصيغة الأولى: كان ولي الزوجة أخاها؛ لأن أباها ميت، ووصيه غير موجود، وجدها من أب غير موجود، فوكل هذا الأخ جد أخته من جهة أمها -الزوجة بنت بنته-، فأصبح ولي الزوجة جدها لأم، فقال ولي الزوج لولي الزوجة: (زوج لي ابنتك فلانة لولدي فلان) فكما تلاحظون قال: (زوج لي ابنتك)، وهي ليست ابنته، وإنما ابنة بنته، فأجابه ولي الزوجة: (زوجتها له)، فهل تتعين الزوجة في هذه الحالة باعتبار أن بنت البنت تسمى بنتا، لكن الإشكال أن فيه احتمالا؛ لأن هذا الجد عنده ابنة صلبية تحمل نفس اسم بنت بنته، فيقع الالتباس، أم إن العبرة بنيته وقصده؟
أما الصيغة الثانية: فقد كان ولي الزوجة أباها، فوكل جد البنت من جهة أبيها -الزوجة بنت ابنه-، فوليها جدها لأب، فقال ولي الزوج لولي الزوجة:(زوج لي ابنت ابنك فلانة)، فكان كلامه صائبا، لكن الإمام قال لولي الزوج قل: (زوج لي ابنتك فلانة ...) فنسي الإمام أن ولي الزوجة جدها، وليس أباها، لكن اسمها كان صحيحا، فأعاد ولي الزوج اللفظ كما قال له الإمام: (زوج لي ابنتك فلانة) بنفس الاسم الأول، وهو يقصد الأولى، وإنما الخطأ في كلمة: (ابنتك) بدل: (ابنت ابنك)، فولي الزوجة -كما ذكرت- جدها لأب، وليس أباها، فأجابه ولي الزوجة: (زوجتك ابنتي فلانة لابنك فلان)، وهو يقصد ابنة ابنه، فهل تتعين الزوجة بهذا اللفظ؛ باعتبار أن بنت الابن تعتبر بنتا؟ لكن الإشكال أن هذا الجد قد تكون له بنت صلبية تحمل نفس اسم بنت ابنه، فيقع الالتباس، أم إن العبرة بنيته وقصده؟
فإذا كان جوابكم عدم صحة العقدين، أو أحدهما، فكيف يعمل الإمام في هذه الحالة مع المعنيين بالأمر؟ فهم منذ وقوع العقد يعتقدون صحته، وربما تم العرس، والدخول، وما الصيغة الصحيحة في الحالتين؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا شك في أن تعيين الزوجين شرط لصحة النكاح، كما بين الفقهاء، وراجع الفتوى: 1766

والمقصود من التعيين التمييز، وأن يزول الاشتباه بالغير، ففي كلتا الحالتين اللتين أوردتهما إن كان معلوما لدى الطرفين، ولدى الشهود أن المعقود عليها هي هذه الفتاة المعينة، بحيث لا تلتبس بغيرها؛ فالنكاح صحيح، ولا يضر ما ذكر من عبارة قالها الجد الأول، أو الجد الثاني، وما ذكر من احتمال أن تكون للجد بنت بهذا الاسم.

 والنسب إلى الجد بمنزلة النسب للأب، قال السرخسي الحنفي في المبسوط: النسب إلى الجد بمنزلة النسب إلى الأب في الحقيقة؛ لأن أكثر الناس ينسب إلى الجد ليعرف دون الأب، ألا ترى أن ابن أبي ليلى ينسب إلى جده، وكذلك أبو نصر بن سلامة ينسب إلى جده؛ لأن سلامة جده لا أبوه، وإذا كان ينسب إلى الجد، صار الحكم أن الصلب والجد سواء. اهـ. 

وروى البخاري عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ابني هذا سيد. فسماه ابنا، وهو ابن ابنته فاطمة -رضي الله عنها-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة