أحكام من تزوج بامرأة وامتنعت عن الجماع لأن أهلها أجبروها على النكاح وطلقها

0 14

السؤال

تزوجت منذ أربعة شهور، وبعد الزواج وانتقال زوجتي من منزل والدها إلى منزلي، امتنعت زوجتي عن المعاشرة الزوجية، طوال فترة وجودها في منزلي -38 يوما-، ولم أتمكن من الدخول عليها -الجماع-، وفي هذه الفترة توجهت إلى المشايخ والأطباء، وعملت التحاليل الطبية لمعرفة أسباب امتناع زوجتي عن الجماع، فتبين لي خلال تلك الفترة أن زوجتي أرغمت من أهلها على الزواج مني، وتعرضت لضغوط من والديها لقبول الزواج بي، فقمت في اليوم 38 من زواجنا بالاتصال بوالد زوجتي، وأتى الى منزلي، ووضحت له أن الزوجة ممتنعة عن الجماع طوال تلك الفترة، وأني لم أتمكن من الدخول عليها، وتبين لي أنها كانت مجبرة على الزواج مني، وطلبت من والد زوجتي أن يأخذها معه إلى منزله، وتركتها في منزل والدها ثلاثة شهور تقريبا، ثم ذهبت إلى منزل والدها للطلاق، ووقع الطلاق، فما الحكم الشرعي في الحقوق المادية في حالتي؟ علما أنها أرسلت رسالة عبر الواتساب خلال فترة الخطبة تطلب مني الانفصال، وأنها لا تريد الزواج مني؛ بحجة أن الموضوع قسمة ونصيب، دون إبداء أي أسباب أخرى، وقمت بإبلاغ أهلي وأهلها؛ لإنهاء الخطبة والانفصال، وجاءني الرد أنها كانت تمزح معي، فأكملت الخطبة عن حسن نية، فأفتوني -جزاكم الله خيرا- في الحقوق الشرعية الواجبة -من مؤخر الصداق، والذهب، وقائمة المنقولات، وغير ذلك من الحقوق الشرعية الواجبة-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالراجح عندنا أنه لا يجوز إجبار الرشيدة على الزواج، سواء كانت بكرا أم ثيبا، وراجع الفتوى: 31582.

فإن كانت المرأة أكرهت على الزواج، ولم ترض به بعد ذلك، بدليل عدم تمكينها زوجها من الجماع؛ فالراجح عندنا بطلان هذا الزواج، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وكذلك الحكم إذا زوج الأجنبي أو زوجت المرأة المعتبر إذنها بغير إذنها، أو تزوج العبد بغير إذن سيده، فالنكاح في هذا كله باطل، في أصح الروايتين. نص عليه أحمد في مواضع. وهو قول الشافعي، وأبي عبيد، وأبي ثور. وعن أحمد رواية أخرى أنه يقف على الإجازة؛ فإن أجازه، جاز، وإن لم يجزه، فسد. انتهى.

وحيث كان الزواج فاسدا، ولم يحصل الدخول الحقيقي؛ فليس للمرأة شيء من المهر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والخلوة في النكاح الفاسد، لا يجب بها شيء من المهر؛ لأن الصداق لم يجب بالعقد، وإنما يوجبه الوطء، ولم يوجد؛ ولذلك لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول، فأشبه ذلك الخلوة بالأجنبية. وقد روي عن أحمد ما يدل على أن الخلوة فيه كالخلوة في الصحيح؛ لأن الابتداء بالخلوة فيه كالابتداء بذلك في النكاح الصحيح، فيتقرر به المهر، كالصحيح، والأولى أولى. انتهى.

وأما إذا كانت المرأة أذنت في النكاح كارهة، ولم تكن مكرهة الإكراه المعتبر؛ فالزواج صحيح، وامتناعها عن التمكين من نفسها بغير عذر؛ نشوز، يبيح التضييق عليها لتفتدي نفسها، بإسقاط مهرها، أو بعضه، وراجع الفتوى: 361798.

لكن ما دمت طلقتها دون شرط؛ فلها جميع حقوق المطلقة -كالمهر مقدمه ومؤخره، ويدخل فيه الذهب، والمنقولات التي اشتريت بمهرها، أو بمالها، أو بمال أهلها-؛ لأن الخلوة الصحيحة لها حكم الدخول عند الجمهور، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك: أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة، وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين، وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي. انتهى.

وما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم؛ فإما أن تتصالحوا ويحصل التراضي بينكم بخصوص الحقوق المتعلقة بالمهر وتوابعه؛ وإما أن ترفعوا الأمر إلى القضاء ليفصل فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة