حكم من أوصت لمرضى السرطان وأولادها دون زوجها

0 11

السؤال

توفيت حماتي، وتركت مبلغ: 24000. أوصت بصرف 4000 لمستشفى السرطان، والباقي يوزع على أبنائها.
ولد: 8000
3 بنات: 4000 لكل بنت.
الزوج على قيد الحياة، وهو خارج الوصية.
فهل من الأولى تنفيذ الوصية، أم إخراج مبلغ المال إلى مستشفى السرطان، والباقي يوزع حسب الشرع. مع العلم بأن زوجتي هي الموكلة على أموال والدتها فقط، ولها حق التصرف فيها في حياة حماتي؟
مع جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوصية المرأة بالمبلغ المذكور لمستشفى السرطان، وصية صحيحة، نافذة؛ لأنها وصية لغير وارث بما لا يزيد على ثلث التركة، فتمضي وجوبا.

قال ابن قدامة في المغني: الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة. وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل. في قول جميع العلماء.

والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد، حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: "لا". قال: فبالثلثين؟ قال: "لا". قال: فبالنصف؟ قال: "لا". قال: فبالثلث؟ قال: "الثلث، والثلث كثير". وقوله عليه السلام: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم". اهــ.
وأما وصيتها بقسمة الباقي القسمة المذكورة في السؤال؛ فإنها لا تمضي، ولا عبرة بها؛ لأنها وصية مخالفة للشريعة الإسلامية، تضمنت حرمان الزوج من الميراث، وزيادة في نصيب الأبناء والبنات، وهذا من الإضرار في الوصية.

جاء في الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني: كل وصية مخالفة للشرع النبوي، ومقتضية لتفضيل بعض الورثة على بعض، أو لإخراج المال مضارة للورثة، وميلا عن الحق، وتجنبا للشرع لا يجوز، وأنها من الكبائر. اهــ.

 وجاء في الموسوعة الفقهية: الإضرار في الوصية: روى الدارقطني من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعا: الإضرار في الوصية من الكبائر. وورد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل، والمرأة بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية، فتجب لهما النار. قال شهر بن حوشب (راوي الحديث): ثم قرأ علي أبو هريرة: {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار} إلى قوله: {وذلك الفوز العظيم}. والإضرار في الوصية تارة يكون بأن يخص بعض الورثة بزيادة على فرضه الذي فرضه الله له فيتضرر بقية الورثة بتخصيصه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.... ومتى أوصى لوارث أو لأجنبي بزيادة على الثلث، لم ينفذ ما أوصى به إلا بإجازة الورثة. اهــ. 
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فيمن أوصى بحرمان زوجته من الميراث، كما في فتاوى نور على الدرب للعثيمين: هذا العمل محرم؛ لأنه يتضمن الوصية لبعض الورثة وحرمان بعضهم، وهو من تعدي حدود الله عز وجل ...هذه الوصية وصية جائرة، والموصي آثم، ‌وعليه ‌أن ‌يمزقها إن كان حيا، وعلى ورثته أن يقسموا ماله على فريضة الله عز وجل. اهــ مختصرا.
فالواجب -أخي السائل- قسمة الباقي -بعد إخراج الوصية- بين جميع الورثة، القسمة الشرعية للميراث.

وكون إحدى البنات كانت وكيلة عن أمها في التصرف في مالها في حياتها، هذا لا يجعل لها الحق في التصرف في التركة بعد وفاة الأم، ولا أن تحجر على الورثة في التصرف في نصيبهم، بل الواجب عليها أن تمكن كل وارث من أخذ نصيبه الشرعي والتصرف فيه.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات