الحكمة من سجن البريء

0 9

السؤال

تعرض أخي للسجن دون ذنب، وخرج -والحمد لله-، وهو يريد أن يعلم حكمة الله في سجنه، وهل السجن عقاب من الله على ذنب عمله؟ وإن كان ذنبا، فكيف يعلم الذنب؟
جزاكم الله خيرا على كل المجهود الذي تقدمونه، ونفعنا به.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحكمة في ذلك هي الحكمة ذاتها من خلق الإنسان بصفة عامة؛ فالله تعالى إنما خلقنا امتحانا واختبارا، كما قال تعالى: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا {الملك:2}، وقال سبحانه: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين {العنكبوت:2-3}، وقال عز وجل: ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب {آل عمران:179}.

وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية -كالأوامر والنواهي-، ويكون كذلك بالأحكام القدرية، سواء ما نحب منها -كالأموال والأولاد-، أم ما نكره -كالمصائب والشدائد-، كما قال تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون {الأنبياء:35}، وهذا النوع من البلاء بالنسبة للمؤمن: تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، وراجع في ذلك الفتويين: 117638، 27048.

وقد سبق لنا ذكر أسباب البلاء ووسائل دفعه في الفتويين: 76268، 5249.

وعلى أية حال؛ فالدنيا ليست بدار جزاء، والعدل المطلق لا يقام فيها، وإنما يكون في الآخرة، كما قال تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين {الأنبياء:47}.

فالمظلوم إن لم يأخذ حقه في الدنيا، فسيجده يوم القيامة كاملا موفورا، أحوج ما يكون إليه؛ حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.

وأما الظالم؛ فإن لم يؤاخذ في الدنيا، فالعقوبة العادلة تنتظره يوم القيامة، كما قال عز وجل: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار {إبراهيم:42}، وراجع في ذلك الفتوى: 124756.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات