كيف يتجنب الولد شر الأب دون عقوق؟

0 5

السؤال

أبي ظالم جدا، ولديه مال كثير، ولا يعطينا شيئا، ولا يعمل، وأمي هي التي تنفق علينا، وتعمل ليل نهار؛ لكي تجلب لنا المال، وتعلمنا، وتزوجنا، وهو كثيرا ما يغضب علينا دون سبب، ويسبنا، ويؤذينا نفسيا وجسديا، ويضرب أمي أمامنا منذ أن كنا أطفالا.
وعندما بلغنا قليلا، طلبت منا أمي ألا نصمت على هذا، وأن نواجهه؛ حتى لا يتكبر علينا أكثر من ذلك، خصوصا أنه ليس له علينا أي فضل أو معروف، فتعلمنا، وكثيرا ما كنا نتناقش معه بحدة، وبصوت عال؛ حتى لا يضربنا، فلا أحد يدافع عنا.
فتعلمنا القسوة عليه، وأصبح بالفعل لا يؤذينا؛ لأننا لم نكن صامتين، كما كنا في الماضي، ولكني عندما درست العلوم الشرعية، عرفت أن هذا حرام، وأن هذا من العقوق، فلا يجب أن نقابل الظلم بالظلم، فأصبحت أطيعه في كل شيء، وأرفق به، وأكلمه بلطف؛ فأصبح يحبني أكثر من إخوتي، ويخاف منهم جميعا، ولا يستطيع أن يقسو عليهم كما كان يفعل، ولكني بعد أن أصبحت رقيقة معه، أصبح لا يقسو إلا علي، وكلما تكلم معه أحد، ترك الجميع، وتشاجر معي، وليس لي ذنب في أي شيء، وصار يتجنب الجميع إلا أنا.
ذات مرة كانت أمي تتشاجر معه، وكنت أدرس، فرفعت صوتي بالمذاكرة حتى أركز، فبدأ بالعراك معي، وأخذ يدعو علي، ويوجد الكثير من هذا القبيل؛ حتى إنني أصبحت أريد أن أقسو عليه، وأتشاجر معه أنا أيضا؛ حتى لا يظلمني.
بعدما كنت أنصح إخوتي ألا يتشاجروا معه، ولا يتكلموا معه بهذه الطريقة، ولا يرفعوا أصواتهم عليه، أصبحت أرى أن هذا هو الذي يجعله يتجنبهم، ولا يستطيع أن يختلف مع أحد منهم؛ حتى أصبت بمرض في قلبي بسبب تلك الضغوطات، فأنا في صراع في نفسي بين ما يرضي الله وما يرضيني؛ وأصبحت أقول لنفسي: إن الله لا يرضى بهذا الظلم والقسر، ولكن لا تنفع معه الطريقة اللينة أبدا، حتى التجنب لا ينفعه.
أنا أكرهه كثيرا، ولا أجلس معه أبدا، وإذا جلست يأتي بأي مشكلة؛ ليتشاجر معي، وقد دعوت له كثيرا، ولكني أرى أنه آثم، فكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول، وهو لا يصلي، ولا يتصدق، ولا يفعل أي شيء جيد في حياته، فانصحوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله أن يعينك، وييسر أمرك، ويصرف عنك السوء.

ثم اعلمي أنك لا تأثمين لبغض أبيك، ولك أن تدفعي عن نفسك الضرر والسوء بما أمكن من الوسائل المباحة، كأن تكلميه، وتعظيه، وتبيني له أن ما يفعله لا يجوز.

وإذا هم بضربك، أو غير ذلك من وجوه الأذية، فاتركي المكان، واعتزلي ما يصيبك من أذى، ولا تتركي بره، والإحسان إليه، والدعاء له؛ فإن الهدى هدى الله.

ولا ترفعي صوتك عليه، أو تسبيه، أو تسيئي إليه، ولكن ادفعي أذاه بالأيسر فالأيسر؛ فإن ظلمه لك، لا يسقط حقه في البر.

والتمسي من الله الأجر والمثوبة؛ فإن لك بصبرك على هذا الثواب الجزيل -إن شاء الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة