كيفية بر الوالدين اللذين يقضيان معظم وقتهما في مشاهدة المسلسلات؟

0 10

السؤال

أرجو سرعة الرد؛ لأني يوميا على هذا الحال، فوالداي يجلسان أمام التلفاز أغلب الوقت يشاهدان المسلسلات، والأفلام، والبرامج، والكل يعلم ما تحتويه من منكرات، وقد بينت لهما كثيرا ما في هذه البرامج من منكرات، وأصبحت لا أجلس معهما طول اليوم، وإذا كان التلفاز على شيء غيرها -وهذا نادر- أجلس، وإذا أتى على المنكرات مرة أخرى، يظهر الغضب على وجهي؛ كي يشاهدا شيئا آخر، وهما يعلمان سبب غضبي، ولا ينقلان على قناة دينية، أو قناة بها برامج مباحة، فكيف أتعامل معهما، وهما طول الوقت على هذا الحال؟ وأنا أنكر عليهما من وقت لآخر، ولم يتغيرا، ولا أستطيع الجلوس معهما، وأكون في غرفة بمفردي طول اليوم، إلا أثناء الطعام؛ لأنه يكون على طاولة واحدة، فكيف أبرهما؟
وحينما يزورنا الأقارب لا يتغير الحال، فأجلس في غرفة أخرى، ولا أستطيع الجلوس معهم، فهل أجلس وأنكر بقلبي، أم أظل على ما أنا عليه؟ وإذا لم أجلس، فكيف أبرهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنشكرك على استقامتك على طاعة الله تعالى، وحرصك على الخير والهداية لوالديك، فجزاك الله خيرا، وثبت قدميك على الحق، وهدى والديك الصراط المستقيم، وأقر عينيك بذلك، إنه سميع مجيب.

ونوصيك بكثرة الدعاء لوالديك بالهداية؛ فالله عز وجل قادر على أن يصلح حالهما، فهو القائل سبحانه: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين {القصص:56}.

وروى الترمذي عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك، فقلت: يا رسول الله، آمنا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء.

 ودعاؤك لهما، وبذلك النصح لهما، وعملك على إصلاحهما، من أعظم برك بهما، وإحسانك إليهما.

فاستمر على نصحهما بالحسنى، فإن انتفعا بالنصح، وصلح حالهما، فالحمد لله، وإلا فأكثر من الدعاء لهما، وأحسن صحبتهما، جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل: من أمر الوالدين بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.

 وعليك برهما بما تستطيع؛ فليس لبر الوالدين حد مقدر، أو وسيلة معينة في الشرع، ولكنه باب واسع، ومراتب متفاوتة من الإحسان إليهما، والحرص على نفعهما، وكف الأذى عنهما، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، بحسب الطاقة. اهـ.

 وليس من البر بهما مجالستهما حال سماع المنكر، أو مشاهدته، ولا يجوز للمسلم الجلوس -والحالة هذه-.

والإنكار بالقلب، يقتضي ترك مكان المنكر، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 253174، والفتوى: 173313.

وفي حال وجود بعض الضيوف؛ فذلك لا يسوغ لك الجلوس حال وجود المنكر. 

فإن أمكنك إقناع والديك بإغلاق التلفاز، أو تشغيل ما فيه مباح، فذاك، وإلا فتحر الحكمة، والتصرف بما هو مناسب مما يدفع عنك به الحرج.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة