هل عدم البكاء على الميت يدلّ على أن صاحبه به خطب ما؟

0 13

السؤال

قبل عيد الأضحى الماضي توفيت ابنة خالي، وحزنت حينها، وغضبت لأن وفاتها كانت بسبب شك الطبيبة في حالتها؛ مما أدى إلى تأخير علاجها، وانتهى بوفاتها، ومن شدة حزني وغضبي وقتها أحسست بدوخة في مؤخرة رأسي، ثم قلت: إنني لن أبكي على فراق أحد بعدها؛ لأن ذلك قد يكون له تأثير سلبي كبير علي.
وقد توفيت جدتي قبل أربعة أيام، ولم أبك على وفاتها نهائيا، ليس لأني قلت: لن أبكي على أحد، بل لأنها ابتليت بمرض لخمسة أشهر قبل وفاتها، وتوفيت بسببه، فكنت أشعر أن الله طهرها من ذنوبها قبل وفاتها، وأن موتها خير لها، وأن مرضها كان تمهيدا من الله لنا، بدلا من أن يكون موتها فجأة، ورأيت أن الأفضل أن أدعو لها، وأنا أدعو الله لها كل يوم، فهل ردة فعلي طبيعية أم إن بي خطبا ما؟ أفيدوني -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فالبكاء على الميت مباح، وليس واجبا، ولا مستحبا؛ فلا حرج على من تركه، ولا يدل هذا على أن به شيئا.

ومن العلماء من رأى أن البكاء رحمة للميت حسن؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من رأى أن تركه أولى، قال البهوتي في شرح الإقناع: (ولا يكره البكاء) قال، الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت، أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت، أردت الدموع وخروجها (على الميت قبل الموت وبعده) لكثرة الأخبار بذلك، فمنها: ما في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- لما فاضت عيناه، لما رفع إليه ابن بنته ونفسه تقعقع، كأنها في شنة أي: لها صوت وحشرجة كصوت ما ألقي في قربة بالية، قال له سعد: ما هذا -يا رسول الله-؟ قال: هذه رحمة، جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء. قال جماعة: والصبر عنه أجمل. وذكر الشيخ تقي الدين في التحفة العراقية: البكاء على الميت على وجه الرحمة، حسن مستحب، وذلك لا ينافي الرضا، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه، وقال في الفرقان: الصبر واجب باتفاق العقلاء، ثم ذكر في الرضا قولين، ثم قال: وأعلى من ذلك أن يشكر الله على المصيبة؛ لما يرى من إنعام الله عليه بها، نقله عنه في الآداب الكبرى. انتهى.

وبما مر تعلم أنه لا حرج فيما فعلت، ولا يوجد ما يدعو للقلق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة