انفراد الولد بالسكن عن أبيه ونفقته عليه إذا كان غنيًّا

0 5

السؤال

أنا شاب عمري 28 سنة، والداي منفصلان، وقد عشت مع جدي وجدتي، ولم أعرف أبي وأمي إلا في سن الثامنة، وكان من الصعب علي تقبلهما، وقد عشت في بيت أبي بعد ذلك.
وأبي وعمي متزوجان من أختين، ولدى أبي أبناء من زوجته، ويفضلهم كثيرا علي، ولم أر منه سوى الضرب، وأخذ ما في يدي وبيعه، وإعطائه لغيري؛ حتى كبرت، ثم أصبح يحملني ديونا، ولم أمانع، وكنت أريد رضاه فقط، وإذا أعطيتهم شيئا، غضبت أمي -مع أنها متزوجة، ولديها أبناء-، وإذا أعطيتها شيئا، غضب أبي.
وفي نهاية المطاف اتهمتني زوجة أبي وزوجة عمي -وهما أختان- في شرفي وعرضي، وصدقهما أبي -وهو مسافر في الخارج هو وعمي-؛ حتى إن أبي أصدر أمرا بألا أخرج من البيت إلا للعمل، وألا يجلس إخواني من أبي معي بسبب التهمة، وبسبب أمر أبي.
وحين رجعا من السفر لم أجد منهما إلا الجفاء، والذل، والشتم؛ فاضطررت أن أخرج من المنزل، وأن أعيش وحدي.
وحين رغبت في أن أتزوج، كان أبي يذهب إلى أهل زوجتي التي تقدمت لها، ويشتمني، ويتهمني بشرب الخمر، وشرط علي الفحص، وفحصت، وكان دمي نظيفا، فزوجوني.
وكثرت علي الديون حاليا؛ بسبب تكويني لنفسي، وفتح البيت، ولدي ابن أسميته باسم أبي، وهو أول أبنائي؛ لكي أكسب رضاه، ولكنه ليس راضيا عني إلا بشرط أن أرجع وأسكن معه هو وزوجته التي اتهمتني في نفسي، أو أن أجلس عندهم بشكل يومي، وأدفع لهم تكاليف العزائم التي يقومون بها، وأنا غير مقتدر؛ بل لا أملك قيمة الأضحية هذه السنة، ولكنه يكذبني، ويشتم زوجتي وأهلها على الدوام، ويشتم أمي وإخوانها، وفي نفس الوقت يمتدح زوجته وإخوانها.
كلما ذهبت إليهم أخرج منهم مشتوما مهانا، وأحس بضيق، وفي كثير من المرات يكون البكاء نصيبي حين أخرج من زيارتهم، ولم أجد منهم من يساعدني في ديني، وهم أغنياء، فماذا يجب علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فحق الوالدين على ولدهما عظيم، ولا يسقط حقهما بظلمهما، أو إساءتهما؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}.

وعقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد، بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

وقد أحسنت بسعيك في الإحسان إلى أبيك، وحرصك على استرضائه؛ فاثبت على ذلك، وداوم على بر والديك، والإحسان إليهما، قدر استطاعتك.

ولا يلزمك أن تسكن مع أبيك في بيته، ولا تكون عاقا بانفرادك بالسكن مع زوجتك، ما دمت واصلا له غير قاطع له، ولا مضيع حقه، وراجع الفتوى: 165457.

ولا يلزمك أن تنفق على أبيك، أو تعطيه شيئا من مالك، إلا إذا كان محتاجا، وكنت موسرا، وانظر الفتوى: 46692
لكن ينبغي عليك أن تستعمل الحكمة، والمداراة، وتلين له الكلام؛ حتى تتجنب غضبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة