0 8

السؤال

ما حكم الدين في هذه الزوجة؟ وما نهاية الصبر عليها؟ وهل هذا عقاب من الله للزوج في الدنيا؟ وهل سيجازيه الله على صبره على هذا البلاء؟ وهل ذلك من دعوة أصابته، أم كفارة لذنوب ارتكبها؟
والسؤال هو: إذا طلب الزوج من زوجته طلبا، أو أراد أن يمارس حقه الشرعي، فتقول له بغضب: أنت تريد كل شيء كن فيكون. ثم أثناء العلاقة الحميمية لا بد من إسماعه شيئا من العتاب والغضب، وما يكرهه، ثم تغطي وجهها أثناء ذلك، وتقول له: أمامك جثة، خذ حقك الشرعي، أنا أكرهك، ولا أريد أن أرى وجهك، أنت لا يهمك إلا ذلك.
وإذا فرغ من علاقته، تقوم كمن أصابها مس، وتسمعه بعض الكلام الرديء، وتخرج مسرعة، وتغلق الباب بشدة، كمن يحاول كسر باب، ويتكرر ذلك كل مرة.
وإذا دخلت البيت أو خرجت، لا تلقي السلام، ولا تتحدث مع زوجها.
وأما من ناحية أمور البيت، فهي تقوم بكل شيء -من نظافة، وأكل، وكل شؤون البيت-، وتحب أولادها، وأحسنت تربيتهم.
والأولاد لم يكرهوا والدهم، ولكن الزوج يتحسر، ويظهر أمام أولاده بالحقير المنبوذ، وغير المرغوب فيه.
والزوج بعد صبر 34 سنة لا يريد طلاقها؛ رحمة بها وبأولاده، والعهد الذي أعطاه لوالدها -رحمة الله عليه- بالزواج من ابنته.
والزوج الآن يريد أن يذهب إلى الشهر العقاري؛ ليعطي زوجته توكيلا عاما بأن يجعل العصمة في يدها، وأن لها الحق في تطليق نفسها، إذا أرادت، وقتما شاءت، وأن يقر بأنه سيرد لها جميع حقوقها الشرعية -من نفقة، ومتعة، وأولاد، ومتأخر، ومصاريف إجراءات ذلك-، ويحسن إليها، ويحقق كل مطالبها.
وهو لا يريد أن يغدر بها، ولكنه يريد أن يعطيها حريتها، وتنفيذ ما تريد؛ حتى لا يكون ظالما لها في الدنيا، ويبرئ نفسه أمام الله، فقد حاول الصبر، ولكن الصبر وصل مداه، ومل من سماع كلمة: "لو راجل طلقني".
والزوج لم يدخر شيئا في تحقيق مطالبها، وتربية أولاده -والله أعلم بصدق ذلك-، وخيرها أمام أسرتها عام 2004 بين طلاقها بإحسان، أو البقاء معه، وأحاط أسرتها بسلوكها، ولكنها طلبت العدول عن ذلك، ولا أمل في الإصلاح، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الله عز وجل قد شرع الزواج لأهداف نبيلة، ومقاصد عظيمة، ومن أهمها: أن تكون الأسرة مستقرة، يعرف كل من الزوجين فيها للآخر حقه، ويقوم به على أكمل وجه، حسب طاقته، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف{البقرة:228}.

فيعرف الزوج لزوجته قدرها، ويطيع الله فيها، وتعرف المرأة لزوجها حقه، وتتقي الله فيه، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين، نرجو مطالعة الفتوى: 27662.

والمرأة عليها شرعا أن تحسن عشرة زوجها، وتعرف له مكانته، وأن تستشعر أن الله عز وجل قد جعل القوامة له عليها، كما قال تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم {النساء:34}. 

وينبغي للزوج أن يستحضر -في مقابل هذه الصفات السيئة التي ذكرت عنها- أن لزوجته صفات حسنة، تشكر عليها، وينبغي أن تكون محل اعتبار من الزوج، وأن يتحرى الحكمة مع زوجته، ويجعل هذه الصفات الحسنة مدخلا لإصلاحها، ومناصحتها بالحسنى.

ويمكنه أن يستعين في سبيل ذلك ببعض العقلاء من أهله وأهلها.

هذا بالإضافة إلى كثرة الدعاء لها بأن يصلح الله حالها، ويرزقها رشدها وصوابها.

ولا ينبغي أن ييأس أبدا؛ فالله على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير.

ولا يلزم أن يكون ما حدث له من امرأته بسبب دعوة أصابته، أو ذنب ارتكبه، بل قد يكون مجرد ابتلاء من الله، وفي الصبر على البلاء كفارة للذنوب، ورفعة للدرجات، وتراجع الفتوى: 18103، ففيها بيان فضل الصبر، وراجع للفائدة الفتوى: 9050.

وبخصوص ما ذكر من كونه يريد أن يجعل العصمة بيد زوجته؛ فإن هذا لا يجعل لها الحق في الطلاق بإطلاق، بل يتقيد بالمجلس، في قول جمهور الفقهاء، خلافا للحنابلة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 110758.

وعلى كل تقدير؛ فلا ينبغي للزوج أن يجعل العصمة بيدها؛ نظرا لطبيعة المرأة العاطفية، التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية.

وأما إعطاؤها حقوقها الشرعية، وعدم ظلمها؛ فهذا واجب شرعا، ولعل الله سبحانه يجعل ذلك سببا في صلاح الحال، وأن تكون العلاقة حميمية بينهما. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات