وجوب الإحسان إلى الوالدين بما ليس فيه ضرر على الولد

0 11

السؤال

أعرف أن العقوق في عدم سماع كلام الوالدين، لكن مثلا لو أنا متعبة فعلا، وغير قادرة على عمل ما يطلب مني، وكذلك لو أني تضايقت بشدة من أمي؛ لأنها دائما عصبية. فمثلا لو دخلت الحمام مرتين متتاليتين تتعصب، وتصرخ، لو استحممت مرتين في الأسبوع تزهق، لو تركت شيئا مفتوحا تصرخ، وتدعو، وتقول لي ستدخلين النار، وربنا سيحاسبك، وتقول لي ربنا يخرب بيتك، وحسبنا الله ونعم الوكيل فيك، وتدعو علي كثيرا.
كنت أحبها، لكن قلبي أغلق عليها، ولا أحس بحنان عليها، وأحس أني مظلومة، وأني عاقة دائما، تعاملني بسوء، كيف أدعو الله، أن يدخلني الجنة، وأنا عاقة، وكيف أنصح غيري، وأنا أولى بالنصيحة، كنت أتمنى أن أكون داعية، لكن أحس أنه صعب، دائما أفكر أن كل هذا سيرد لي، وأن أولادي سيكونون عاقين لي، أو زوجي لن يكون جيدا، أو أي أمر آخر. خائفة من أن أنتكس بسبب هذا.
دخلت في اكتئاب من فترة بسبب كل هذا، لكن حاولت أن ألجأ إلى ربنا ليشفيني، ويحميني من هذه الحالة، واللهم لك الحمد بدأت أشفى من الاكتئاب، وأحيانا أشعر أني أريد أن أهرب من البيت، أو أذهب لأشتغل، حتى لا أرى أحدا. فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا ريب في عظم حق الوالدين، ووجوب برهما، وطاعتهما في المعروف، وتحريم عقوقهما، وقد ذكر بعض أهل العلم أن حد العقوق المحرم هو الذي يحصل به أذى غير هين للوالدين.

قال الهيتمي -رحمه الله- في الزواجر عن اقتراف الكبائر: كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين أي عرفا، ويحتمل أن العبرة بالمتأذي. انتهى.

فالواجب عليك طاعة والديك فيما يأمرانك به من المعروف، ولو شق عليك ذلك، ما لم يكن عليك فيه ضرر، فلا تجب طاعتهما حينئذ.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا. انتهى من الفتاوى الكبرى.

واجتهدي في بر والديك، والإحسان إليهما قدر طاقتك، وسددي وقاربي، وإذا حصل منك تقصير؛ فاستغفري، وتوبي إلى الله، وأبشري بعفو الله تعالى، ما دمت حريصة على بر والديك، قال تعالى: ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا [الإسراء: 25].

قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: وقوله (إن تكونوا صالحين) يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البر بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، أو زلة في واجب لهم عليكم مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوابين بعد الزلة، والتائبين بعد الهفوة غفورا لهم. انتهى.

واستعيني بالله تعالى، وتوكلي عليه، وأكثري من ذكره، ودعائه، فإنه قريب مجيب.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة