نصائح لاستدعاء البكاء من خشية الله تعالى

0 17

السؤال

كنت فاسدا جدا قبل 6 أشهر تقريبا -أدخن، وأسب، وأنظر للمحرمات، وأعق الوالدين-، بل كنت أفسد شخص بين أصدقائي تقريبا، ولكن الله تعالى من علي ورزقني الهداية، وكلما تذكرت ذنوبي الماضية استشعرت منة الله علي، وزدت حبا له، وانكسارا؛ لأني كنت أعصيه ليلا ونهارا، وقد هداني، وسألته سبحانه وتعالى أن أتوقف عن تلك الذنوب من أجل صحتي -قبل أن يهديني الله-، وبعد أن هداني أردت أن أتركها من أجله، فرزقني التوبة، وتوقفت عن كل ذلك، وكلما تذكرت ذلك، أقول لنفسي: "ما كنت حتى لتقدري على رفع الغطاء بعد الاستيقاظ إلا بإذن الله"، وأتذكر أنه هو الذي له الفضل في أن أطيعه.
وبدأت أنصح أصدقائي، فمنهم من يستجيب -والحمد لله-، ومنهم من سخر مني، ومنهم من يعاند بشدة، ولكني خجلت من الله أن أجلس في أي مجلس فيه معصية، فتركت كل ذلك، وكنت اشتريت كمانجا، وبعدما عرفت أنها حرام، رزقني الله الإقلاع عنها، وعن مجالس المعصية، ورزقني ترك النظر للمحرمات، وفعل الفرائض والسنن.
ومنذ فترة بدأ ربي يزيدني من فضله، فأصبحت أختم القرآن كل 6 أيام بفضله، ورزقني صيام داود -عليه السلام-، وقيام الليل في الثلث الأخير من الليل، ولكني أحيانا أشعر بنقص في البكاء من خشية الله، فأبحث هل فعلت معصية أم لا، فأظل أتوب، فقد رزقني الله البكاء من خشيته، ولكني لا أعرف لماذا أقرأ آيات فأبكي منها، وفي الختمة التي تليها لا أشعر فيها بشيء، ولا أعلم هل من العجب ذكر الطاعات؛ فإني لم أخبر أحدا قط على ختمة القرآن مثلا، ولا أعلم هل يتقبل الله مني أم لا؟ أرجو أن يتقبل الله مني، وأخشى أن تكون قلة البكاء بسبب تحول العبادات إلى عادات، فما العلاج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي هداك ومن عليك بالتوبة، واستمر على ما أنت عليه من الخير، فأنت على خير كثير.

وأما البكاء من خشية الله تعالى، فهو من فضائل الأعمال، وموجبات تكفير الذنوب، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه.

فاحمد الله على ما من به عليك من ذلك.

واستدع البكاء، إذا لم تطعك نفسك إليه بالفكرة في أسماء الرب وصفاته، والفكرة في شدة غضبه، وأليم عقابه الذي أعده للمخالفين العصاة من عباده؛ فإن ذكر النار وأهوالها، يلين القلوب القاسية.

وأكثر كذلك من ذكر الموت، واتبع الجنائز، واشهد المحتضرين؛ فإن ذلك من أعظم أسباب رقة القلب ولينه.

وتفكر في تقصيرك، وتفريطك في جنب ربك تعالى؛ فإن ذلك يكسبك حياء منه سبحانه، وبكاء من خشيته.

وعلى كل حال؛ فالنفس لها إقبال وإدبار، وقد يحصل لها الخشوع مرة عند تدبر آية ما، ثم لا يحصل في مرة أخرى، وهذا أمر عادي، لا يوجب قلقا، ولا اضطرابا، لكن عليك أن تستغل فترات إقبال نفسك وتهيؤها للخير في مزيد من طاعة الله جل اسمه، والفعل لمراضيه، وأن تكون فترات إدبار نفسك، وفتور همتك غير مخرجة لك من واجب، ولا مدخلة لك في حرام.

رزقنا الله وإياك قلوبا رقيقة خاشعة، وأعينا من خوفه دامعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات