التقصير في رعاية الأب المريض المقصّر في النفقة

0 11

السؤال

منذ سنة ونصف تركني أبي مع أمي وأختي، وسكن في منزل أبيه، وبرر ذلك بأن أمي كانت تضايقه، وأنهما كانا على خلاف دائم بسبب الماديات، فقد كانت حياتنا أقل من المتوسط، وهو مريض حاليا، وحالنا يزداد سوءا، وأمي هي التي تنفق على البيت من معاشها، وأبي يعطينا نقودا قليلة جدا -10% من مصاريف حياتنا-، وأمي تتحمل باقي المصاريف، فهل أبي آثم بسبب تركه لنا؟
من وجهه نظري هو هارب من المسؤولية، وهو يريدنا -أنا وأختي- أن نجلس معه دائما في منزله، ونحن نرفض؛ لأننا لا نحب الجلوس هناك، وننظر إليه نظرة الهارب، فماذا أفعل؟ فقد سئمت من هذه الحياة، وفقد الاستقرار في منزلي، وتأثرت بهذه الظروف، فأصبحت عصبيا، ونفسيتي تزداد تعبا يوما بعد يوم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان أبوك قادرا على الإنفاق عليكم، وأنتم محتاجون للنفقة، وقد امتنع من النفقة الواجبة؛ فهو آثم، ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته.

أما إذا كان غير قادر على الإنفاق عليكم؛ فلا إثم عليه في ذلك.

ولا يجب عليكم أن تتركوا أمكم، وتقيموا مع أبيكم في بيت أبيه، لكن لا يجوز لكم هجره، أو الإساءة إليه، أو التقصير في رعايته، وزيارته؛ فحق الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقه بظلمه، أو إساءته؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا [لقمان:15].

فالواجب عليك، وعلى أختك بر أبيكم، ومداومة زيارته، والقيام على حاجته، ولا سيما حال مرضه.

واحذر من التقصير في حقه، أو معاملته بجفاء؛ فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ومن أسباب سخط الله تعالى.

وبر الوالد، والإحسان إليه، من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي: خير الأبواب، وأعلاها. والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة