مواساة للمسروق منه وبيان جزاء السارق

0 18

السؤال

لقد تعرضت لحادث سرقة، وتألمت لذلك جدا، وحزنت حزنا كبيرا، وأريد منكم مواساتي بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، وما أجري؟ وما جزاء السارق يوم القيامة؟ وهل من الممكن أن تكون حادثة السرقة تلك تعويضا عن مصيبة أكبر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الشارع الحكيم حض المسلم على الصبر على كل ما يصيبه من مصائب وبلايا؛ لينال أجر الصابرين، كما في قوله تعالى: وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون {البقرة:155ـ 156}، وقوله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر:10}.

واعلم -أخي السائل- أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، -كما في الحديث-.

والإنسان يبتلى في هذه الدنيا، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فعليه السخط. وأمر الله نافذ في الحالتين.

وشأن المؤمن كله له خير، إن أصابته سراء شكر؛ فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له -كما في صحيح مسلم-.

وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن؛ حتى الهم يهمه، إلا كفر الله به سيئاته.

وقارن -أخي الكريم- مصيبتك بمصائب أهل البلاء، ممن اشتد بلاؤهم بفقد أحبتهم، وفلذات أكبادهم، وغيرهم -وما أكثر أهل المصائب والابتلاءات، نسأل الله السلامة- وفي الحديث: انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه أحمد، وأصحاب السنن.

فهون عليك؛ فخطب الدنيا أيسر من أن يكدر صفوك هذا التكدير.

والحمد لله أن المصيبة لم تكن في دينك، وما أبقى الله عليك من النعم -كالعافية، وسلامة الأعضاء، والحواس- أكثر بكثير مما فاتك -وله المنة-.

وأما هذا السارق؛ فأمره في الآخرة إلى الله تعالى، ويكفيه أنه عرض نفسه لغضب الله يوم القيامة، ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان.

كما أنه عرض حسناته إلى الفناء يوم الجزاء؛ فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا؛ فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه، أخذ من سيئات صاحبه، ثم طرحت عليه، ثم طرح في النار.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة