المعين على عبادة رب العالمين

0 17

السؤال

كيف أحب عبادة الله وطاعته؟ فأنا أشعر أني لا شيء عند سماعي أني عبد، وأشعر أنه ليس لي اختيار، فيجب علي طاعة الله، وإلا أعذب، فلماذا معصية الله ذنب؟ وتأتيني مشاعر بأني ذليل، وأني إذا لم أفعل العبادة؛ فسأعذب، وكل هذا يأتي منه ضيق -والعياذ بالله- وكراهية، وحاوت أن أبحث، فلم أستفد كثيرا، فلا يزال الشعور بأني ذليل، ولا شيء.
أنا على يقين أن الله خلقنا ليرحمنا، ولكني أشعر أني خلقت لأذل، ولا أستطيع الشعور بالعبادة، ولذتها، فعندما أريد أن أخشع، وأعلق قلبي بالصلاة، تأتيني فكرة أن ذلك واجب علي، وأن عدم خشوعي ينقص الأجر؛ مما يؤدي -والعياذ بالله- للكراهية والضيق أيضا، عندما أريد أن أتوب أقول: لماذا تجب التوبة؟
حاولت البحث؛ حتى أزيل كل شيء، لكنه لم يزل كل شيء، وأعيش في قلق؛ خوفا من الكفر بسبب هذه الكراهية؛ لأنها تستقر ساعة، أو مدة طويلة، فكيف أزيلها؟ أريد حلا؛ لأني خائف بشدة أن يكون عملي قد حبط، وأن تكون هذه كراهية كفرية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فالمؤمن يحب عبادة الله لأمور:

من أهمها: أن الله تعالى هو الرب الموصوف بكل كمال، والمنزه عن كل نقص، والمستحق للعبادة دون غيره جل وعلا.

ومنها: أنه سبحانه المنعم علينا بجلائل النعم ودقائقها، ومن شكره تعالى على نعمه التي لا تحصى أن تقوم بواجب العبودية، فلو فرض أنه لم يكن ثم ثواب، ولا عقاب؛ لكان العقل يقضي بضرورة عبادة الله تعالى، ولزومها؛ شكرا له على إنعامه، فكل نعمة تتنعم بها -من نفسك الذي تتنفسه، وطعامك، وشرابك، وثيابك، وقلبك الذي يدق بانتظام، وما لا يحصى من النعم- إنما هو محض فضل الله عليك، وكل هذا يقتضي منك أن تعبده سبحانه وأنت قرير العين، شاعر أنك تؤدي بعض حقه سبحانه عليك.

ومما يعين على محبة العبادة: استحضار ما وعد الله عليها من عظيم الثواب؛ فإنه لواسع كرمه، وعظيم جوده، جعل الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف فوق ذلك لمن يشاء، فلا يبخل على نفسه بهذا الثواب العظيم، وهذا الأجر الجزيل، إلا من ظلم نفسه، ودساها، وعرضها لسخط الله، ومقته.

ومما يعين على محبة العبادة: قراءة سير العباد الصادقين الذين أفنوا أعمارهم في ابتغاء مرضاته -سبحانه-، وكانت العبودية، والتذلل لله تعالى، والاجتهاد في طاعته؛ أحب إليهم من كل عزيز وغال، وسيد هؤلاء العابدين هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي قام حتى تفطرت قدماه، مع أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وحين سئل عن ذلك قال: أفلا أكون عبدا شكورا. صلى الله عليه وسلم تسليما.

ومما يعين على محبة العبادة: لزوم دعاء الله تعالى، وسؤاله أن يحبب إليك طاعته، ويعينك عليها، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم معاذا أن يقول دبر الصلاة: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك. رواه أبو داود.

فلا يعين على عبادته غيره، ولا يقرب منه سواه، والقلوب بين إصبعين من أصابعه -سبحانه-، يقلبها كيف يشاء.

فادعه بإخلاص، وصدق، وسله أن يجعلك من عباده الصالحين.

واعلم أن عزك في الذل له، وغناك في الافتقار بين يديه، وقوتك في إظهار ضعفك، وفقرك، وفاقتك له سبحانه.

وأما ما يلقيه الشيطان في قلبك من خواطر السوء؛ فجاهده، وادفعه عن نفسك، وتخلص منه بالإعراض عنه.

واعلم أن تلك الوساوس لا تضرك، ولا تقدح في إيمانك -نسأل الله أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات