منع الزوجة زوجها من الاطلاع على جوالها

0 8

السؤال

زوجتي تواظب على الصلاة، والقرآن، لكنها تمنعني من الاطلاع على جوالها الذي تجعل ما بداخله لها فقط، ولا تجعلني أراه أبدا، أو أرى مواضيع الفيسبوك، أو أي علاقة من علاقاتها التي تحصرها في النساء فيما بينهن، لكن هذا المنع يثير في صدري شكوكا دائمة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالأصل أن يحسن المسلم الظن بأخيه المسلم، ويحمل أمره على السلامة؛ حتى يتبين له خلافها، وقد جاء الشرع بالنهي عن سوء الظن، قال الغزالي في إحياء علوم الدين: اعلم أن سوء الظن حرام، مثل سوء القول، فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير، فليس لك أن تحدث نفسك، وتسيء الظن بأخيك، ولست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء.

فأما الخواطر، وحديث النفس؛ فهو معفو عنه، بل الشك أيضا معفو عنه، ولكن المنهي عنه أن يظن، والظن عبارة عما تركن إليه النفس، ويميل إليه القلب، فقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}، وسبب تحريمه أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب؛ فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا، إلا إذا انكشف لك بعيان، لا يقبل التأويل. اهـ.

وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين؛ فإنه متأكد في حق الزوجين؛ لما أمرهما الله به من حسن العشرة، قال سبحانه: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}، وقال: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}.

 فليس لك الحق في البحث عن حال زوجتك، وما يتضمنه هاتفها، إن لم تكن هنالك ريبة، والغيرة في هذه الحالة غيرة مذمومة، وإنما تكون الغيرة محمودة، إذا كانت هنالك ريبة، روى أحمد، والنسائي عن جابر بن عتيك الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحب الله عز وجل، ومنها ما يبغض الله عز وجل ... فأما الغيرة التي يحب الله عز وجل؛ فالغيرة في الريبة. وأما الغيرة التي يبغض الله عز وجل؛ فالغيرة في غير ريبة... الحديث. 

وروى أبو داود عن معاوية -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس، أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم.

 وتخوين الزوج زوجته الصالحة، ومراقبته لها، من غير داع لذلك؛ قد يكون سببا في كثير من المفاسد، كأن يساء الظن بها، قال السفاريني في غذاء الألباب: وفي الفروع: قال ابن عبد البر: قال سليمان -قلت: والمحفوظ في التواريخ، وتراجم الأنبياء، قال داود لابنه سليمان -عليهما السلام-: يا بني، لا تكثر الغيرة على أهلك من غير ريبة، فترم بالشر من أجلك، وإن كانت بريئة. اهـ.

وقال المناوي في فيض القدير: وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يراد إزالتها، والحاصل: أن الشارع ناظر إلى الستر مهما أمكن. اهـ.

وننبه إلى أن يجتهد الزوجان في أن تتوفر بينهما الثقة، وإن من أهم ما يعين على ذلك أن يسود في البيت الإيمان، وطاعة الرحمن؛ فتعقد فيه حلقات العلم، والذكر.

وإن لم يتيسر ذلك؛ أخذ الزوج أهله إلى مثل هذه المجالس التي تعقد في المساجد، وغيرها؛ فالإيمان إذا حل في القلب؛ أثمر خيرا؛ بالإقبال على الطاعات، واجتناب المعاصي والمنكرات، ومراقبة الله عز وجل في السر، والعلن، روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت عن القرآن: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار؛ حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا؛ لقالوا؛ لا ندع الزنى أبدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة