نصيحة لمن لا يستطيع الزواج ويسيطر عليه أنه سيحبّ زوجته أكثر من حبّ الله تعالى

0 13

السؤال

إذا رأيت فتاة فأشعر في نفسي برغبة في الزواج، ولا أريد أن يحدث هذا معي مع كل فتاة، صحيح أن الشاب عندما يرى الفتاة يميل إليها، ويخطر في باله الزواج، لكن هذا ربما يكون من تزيين الشيطان؛ لأن هذا الشاب غير قادر على الزواج أصلا، وهل من الممكن أن يكون هذا بسبب فراغ قلب الشاب من حب الله؛ فينظر إلى غيره بدافع الحب؟ وكيف أتخلص من هذه الأفكار، خصوصا فكرة الشعور بحب الزوجة أكثر من حب الله تعالى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الله عز وجل جعل في الرجل بمقتضى الخلقة غريزة الميل إلى النساء، فإذا رأى امرأة؛ أعجب بها، وفكر في الزواج؛ فهذا أمر طبيعي، لا يلحقه منه حرج، وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أبصر أحدكم امرأة، فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه. وفي رواية في مسند أحمد، وغيره: فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته...الحديث.

والمقصود من هذا بيان اعتراف الإسلام بهذه الغريزة، وأنه جعل النكاح وسيلة لإشباعها.

ولا يعني هذا الحديث جواز تعمد النظر للمرأة، فهذا قد دلت النصوص على تحريمه، ولكن هذا قد يحصل بنظرة الفجأة، وهي لا مؤاخذة على المرء فيها، إذا صرف بصره بعدها. ومن تعمد النظر؛ وجبت عليه التوبة.

ومجرد حب الرجل لامرأته لا يعني أنه يقدمه على حب الله سبحانه، دل على ذلك ما رواه البخاري، ومسلم عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته، فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب. فعد رجالا.

فقد قال هذا -عليه الصلاة والسلام- مع كمال حبه لله سبحانه، وهو الحب الذي يقتضي إيثار ما فيه مرضاة الله عز وجل دون ما سواه، قال تعالى: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين {التوبة:24}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب: "الاستقامة" معلقا على هذه الآية: فلم يرض منهم أن يكون حبهم لله، ورسوله، كحب الأهل والمال، وأن يكون حب الجهاد في سبيله، كحب الأهل والمال، بل حتى يكون الجهاد في سبيله الذي هو تمام حبه، وحب رسوله؛ أحب إليهم من الأهل والمال؛ فهذا يقتضي أن يكون حبهم لله ورسوله مقدما على كل محبة، ليس عندهم شيء يحبونه كحب الله... اهـ.  

فوصيتنا لك أن تدفع عن قلبك هذه الخواطر، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتصرف همتك إلى ما ينفعك في دينك، ودنياك، وتجتهد في سبيل الزواج، فإن تيسر لك؛ فالحمد لله، وإلا، فاصبر حتى ييسره الله لك، قال عز وجل: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله{النور:33}، قال القرطبي في تفسيره: من تاقت نفسه إلى النكاح، فإن وجد الطول، فالمستحب له أن يتزوج، وإن لم يجد الطول؛ فعليه بالاستعفاف، ما أمكن، ولو بالصوم؛ فإن الصوم له وجاء. اهـ. 

والطول هو الغنى، وهو يشير بهذا الكلام الأخير إلى الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شبابا، لا نجد، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة