مساعدة الأم بعض الأولاد في نفقات الزواج وقضاء الدَّين دون الآخرين

0 12

السؤال

نحن ثلاثة ذكور، وثلاث إناث، وأعيش مع أمي في بيت والدي، وقد توفي والدي وأنا وأختي الأصغر مني في مراحل التعليم المختلفة، بينما الإخوة الآخرون متزوجون، ومستقلون بمعيشتهم، وزوجت أمي أختي الصغرى من معاش والدي، وبمساعدة إخواني، بينما أكملت أنا تعليمي إلى أن أنهيت خدمتي العسكرية، وكانت أمي تتحمل معي نفقاتي، إلى أن التحقت بالعمل فور انتهاء خدمتي، واستمرت أمي بمساعدتي في تكاليف الزواج، وباعت قطعة أرض تملكها، وأعطتني ثمنها، ولا زلت أعيش معها في بيت واحد، وعلي بعض الديون، وأمي على علم بها، وتساعدني بجزء من معاشها الشهري دون إخواني، وهم يطلبون من أمي دائما ألا تساعدني، ويقولون: إنها ظالمة، وإنها تفرق بين الإخوة في العطية، فهل عليها إثم في ذلك؟ وهل علي إثم في ذلك -سواء في قبول ثمن قطعة الأرض، أم الأخذ جزء من معاشها الشهري-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالمفتى به عندنا وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات، والعطايا، ما لم يكن لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله، ولا فرق بين الأم والأب في ذلك، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب. انتهى. وراجع الفتوى: 6242.

أما النفقات؛ فلا تجب التسوية فيها؛ لاختلافها باختلاف حال الأولاد، فإذا جهز الوالد ولده للزواج بالمعروف؛ لم يلزمه أن يعطي غيره من الأولاد مثله.

أما إذا زاد على المعروف؛ فعليه أن يسوي بين سائر الأولاد.

وكذا إن أعطاه مالا ليقضي به دينه؛ لم يلزمه أن يعطي غيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عند كلامه على التسوية بين الأولاد، وتفريقه بين ما كان من باب النفقة، وما كان من النحل والعطايا: .. أن ينفرد أحدهما بحاجة غير معتادة، مثل أن يقضي عن أحدهما دينا وجب عليه من أرش جناية، أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجة، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر. وتجهيز البنات بالنحل أشبه، وقد يلحق بهذا. والأشبه أن يقال في هذا أنه يكون بالمعروف، فإن زاد على المعروف، فهو من باب النحل. انتهى من الفتاوى الكبرى.

وعليه؛ فإن كانت أمك أعانتك بمالها لزواجك في حدود العرف بغير زيادة، وأعطتك مالا لحاجتك له لقضاء دينك؛ فلا إثم عليك، ولا على أمك في ذلك.

أما إذا كانت أعطتك شيئا من مالها لغير حاجة؛ فهي آثمة، على القول المفتى به عندنا، والواجب عليها؛ أن تعدل بين أولادها؛ إما برد ما فضلتك به، وإما بإعطاء سائر الأولاد مثل ما أعطتك، قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها؛ أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة