ضابط البِرّ والعقوق، وهل تجب الطاعة في نحو ترتيب الغرفة وتقليم الأظافر عند غيابهما؟

0 17

السؤال

هل الأشياء التي لا يرضاها الوالدان إذا لم أفعلها أمامهما تعد عقوقا؟ مثل ترتيب الغرفة، فوالدتي تكره أن ترى غرفتي غير مرتبة، فإذا كنت في منزل وحدي، وكانت غرفتي غير مرتبة، فهل أعد عاقة؟ وأمي تغضب إذا رأت أظافري طويلة، فإذا كنت في منزل مستقل، وأطلت أظافري، فهل يعد ذلك عقوقا، مع العلم أنني لن أظهر هذا أمام أمي؛ كيلا تغضب.
وإذا فعلت شيئا ليس حراما، فهل يجب علي سؤال والدي إذا كان ذلك يرضيهما أو لا، إذا كانا لن يعلمان به؟ وإذا شككت، هل هو عقوق أو لا، فهل يجب أن أسألهما؟ أرجو منكم أن توضحوا لي معنى العقوق أكثر؛ لأن الموضوع التبس علي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فما تسألين عنه من بر الوالدين وعقوقهما، كلاهما أمر عظيم؛ لأنهما متعلقان بمن كانا سببا في وجود الولد في هذه الحياة، ومن قرن الله عز وجل حقه بحقهما، فقال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا {الإسراء:23}؛ فأمر ببرهما، والإحسان إليهما، وهذا واجب على الولد.

 وعبارة بر الوالدين تشمل إيصال ما يمكن إيصاله إليهما من الخير، وإبعاد ما يمكن إبعاده عنهما من الشر، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، بحسب الطاقة. اهـ.

وأما العقوق فقد نقل العيني في (عمدة القاري) عن الشيخ تقي الدين السبكي: إن ضابط العقوق: إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى، قل أو كثر، نهيا عنه أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران أو ينهيان؛ بشرط انتفاء المعصية. اهـ.

 فتجب عليك طاعة الوالدين في كل ما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة عليك منه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد.

وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه، ولم يضره، وجب، وإلا فلا. اهـ.

والذي يظهر لنا -والله أعلم- أن لوالديك مصلحة في الحالتين اللتين أوردتهما بالسؤال، فإن أمرهما وإن كان متعلقا بك، إلا أنهما قد يعيران في ذلك بأنهما لم يحسنا تربيتك مثلا؛ فيلحقهما من ذلك أذى، أو حرج.

ثم إن في ترتيب بيتك، وتقليمك أظافرك، مصلحة لك قبل أن تكون فيه مصلحة لهما.

والظاهر أنه تجب طاعتهما في حال حضورهما، أو غيابهما؛ فقد قرر أهل العلم أن طاعة الوالدين تجب في الظاهر، والباطن، قال النفراوي في الفواكه الدواني: والحاصل: أنه يجب برهما بالقول، والجسد، بالباطن، والظاهر. اهـ.

 ولست مكلفة بسؤال والديك عن كل شيء تريدين أن تفعليه إن كان ذلك يرضيهما أو يغضبهما، وكذلك الحال فيما إذا شككت في شيء هل هو عقوق أو لا؛ فلا يلزمك سؤالهما عنه.

وقد علمت فيما ذكرنا سابقا ضابط العقوق.

 وننبهك في الختام بأنه فيما يبدو لنا أنك مصابة بشيء من الوساوس؛ فإذا كان الأمر كذلك؛ فاجتهدي في محاولة التخلص منها بالإعراض عنها، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والحرص على تلاوة القرآن، والمحافظة على الذكر، وخاصة في الصباح والمساء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة