حمل المرأة المتزوجة بعد الزنى هل يفيد اليقين بكون الحمل من الزنى؟

0 20

السؤال

إذا زنت امرأة، وحملت من الزنى وهي متزوجة، فكيف يكون الولد للفراش، وقد يكبر الولد ويتزوج من ابنة الزاني، والتي تعد أخته؟ أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالزنى من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، وهو جريمة شنيعة، لها آثارها السيئة على الفرد، والمجتمع، فهو شر سبيل، وأخبث طريق؛ ولذلك نهى الله تعالى عن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه، قال تعالى: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء:32}، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول -تعالى- ناهيا عباده عن الزنى، وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة}، أي: ذنبا عظيما {وساء سبيلا} أي: وبئس طريقا ومسلكا. انتهى.

وقد شدد الشرع الحكيم في أمر الأنساب؛ حيث قضى بلحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه، حيث أمكن كونه منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. وهو في الصحيحين. وراجع الفتوى: 176741.

واعلم أن المرأة المتزوجة إذا زنت -والعياذ بالله-، وحملت؛ فلا يترتب على زناها حصول اليقين بأن هذا الحمل من الزنى، بل غاية الأمر أن تكون هناك شبهة في كون الحمل من الزنى، لا من الزوج، وهذه الشبهة لا يصح أن يعارض بها الأصل الثابت، وهو كون الحمل من الزوج صاحب الفراش، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش. وذلك لأن الاحتياط في الأنساب مطلوب، وهو في جانب الإثبات آكد من جانب النفي، قال الشيرازي -رحمه الله- في المهذب: النسب يحتاط لإثباته، ولا يحتاط لنفيه؛ ولهذا إذا أتت بولد يمكن أن يكون منه، ويمكن ألا يكون منه؛ ألحقناه به احتياطا لإثباته، ولم ننفه احتياطا لنفيه. انتهى.

وقال النووي -رحمه الله- في منهاج الطالبين: ولو علم زناها، واحتمل كون الولد منه، ومن الزنى؛ حرم النفي. انتهى.

وأما إذا تيقن الزوج، أو غلب على ظنه ظنا مؤكدا أن الولد ليس منه؛ فقد ذكر أهل العلم أن عليه نفيه باللعان، جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: ولو أتت أو حملت بولد علم أنه ليس منه، أو ظنه ظنا مؤكدا، وأمكن كونه منه ظاهرا؛ لما يأتي؛ لزمه نفيه، وإلا لكان بسكوته مستلحقا لمن ليس منه، وهو ممتنع. كما يحرم نفي من هو منه؛ لما يأتي. ولعظيم التغليظ على فاعل ذلك، وقبيح ما يترتب عليهما من المفاسد؛ كانا من القبائح الكبائر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة