الجمع بين ما ورد في الشرع من أن الأرض مخلوقة قبل السماء وما أثبته العلم الحديث

0 12

السؤال

يقول العلم الحديث: إن عمر الكون والشمس أطول من عمر الأرض، وحسب ما جاء في القرآن الكريم والسنة؛ فإن الأرض خلقت قبل السماء، فكيف نوفق بين هذا وذاك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن كثيرا مما يقوله العلم الحديث في نشأة الكون، لا يخرج عن كونه نظريات علمية، لا ترتقي إلى مستوى الحقائق، وكثير من الناس لا يفرق بين النظرية القابلة للأخذ والرد وبين الحقائق العلمية الثابتة.

ثم إن القول: إن الأرض خلقت قبل السماء، ليس متفقا عليه بين علماء المسلمين، بل ذهب بعضهم إلى العكس، وأن السماء خلقت قبل الأرض؛ لدلالة بعض النصوص الشرعية على ذلك، وأن الذي تأخر عن خلق الأرض هو تسوية السماء، لا أصل خلقها.

وقد صحح القرطبي في تفسيره القول القائل: إن الله تعالى خلق أولا دخان السماء، ثم خلق الأرض، ثم استوى إلى السماء، وهي دخان، فسواها، ثم دحا الأرض بعد ذلك

وما دام أن المسألة ليس فيها نص صريح قاطع؛ فإنه لا يقال: إن العلم يخالف ما جاء في القرآن، قد ذكرنا هذه المسألة بما يغني عن الإعادة هنا في فتاوى سابقة، فانظر منها الفتويين التاليتين: 403834، 356428.

واعلم أن من المسلمات عند أهل السنة أن صريح العقل لا يمكن أن يتعارض مع صحيح النقل، إلا في ذهن المرء، لا في واقع الأمر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (درء تعارض العقل والنقل):

لا يجوز أن يتعارض العقل الصريح والسمع الصحيح، وإنما يظن تعارضهما من غلط في مدلولهما، أو مدلول أحدهما ...

والسمع الصحيح هو: القول الصادق من المعصوم الذي لا يجوز أن يكون في خبره كذب، لا عمدا، ولا خطأ.

والمعقول الصحيح هو: ما كان ثابتا، أو منتفيا في نفس الأمر، لا بحسب إدراك شخص معين

وما كان ثابتا، أو منتفيا في نفس الأمر؛ لا يجوز أن يخبر عنه الصادق بنقيض ذلك، بل من شهد الكائنات على ما هي عليه؛ وجدها مطابقة لخبر الصادق، كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} (فصلت:53)، فأخبر أنه سيريهم من الآيات العيانية المشهودة لهم ما يبين لهم أن القرآن حق. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى