الخوف من عدم قبول الأعمال الصالحة

0 13

السؤال

أنا -بفضل الله الكريم- أصلي، وأحاول ـ قدر المستطاع ـ التقرب إلى الله، ولكني كثيرا ما يأتيني شعور محبط حول عدم تقبل الله مني، وأن الله تعالى لا يستجيب دعائي، وأن عبادتي ليس لها داع، وهي هباء منثور يوم القيامة، وكثيرا ما يأتيني شعور أن الله تعالى لن يتقبل مني، ولن ينظر إلي، رغم أني مضطهد جدا من المقربين لي، وأنا ألتجأ إلى الله، وأفوض أمري إليه، وأطلب منه الثبات، والعزيمة على العبادة، وكثيرا ما يأتيني شعور أن الله قد نسيني! رغم أنني أدعو في صلواتي أن يتقبل مني، وأن لا يتخلى عني، فكيف لي أن أعلم أن الله تقبل مني؟ كما أنني أشعر كثيرا أنني مضطهد جدا، وليس لي ناصر رغم دعواتي، ومحاولة تقربي إلى الله؛ لكي يعوضني في الآخرة عما ذقته في الدنيا. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فهنيئا لك الاشتغال بالطاعات، والدعاء، والالتجاء إلى الله تعالى، ونسأله سبحانه أن يؤتيك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من امرك رشدا، إنه سميع مجيب.

وأما ما ذكرته حول الخوف من عدم قبول أعمالك الصالحة؛ فهو خطأ.

وعليك أن تحسن الظن بالله تعالى، وأن تعتقد أنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين، فمن أتى بالعمل الصالح على وجهه مستوفيا شروطه -من الإيمان، والإخلاص، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم-؛ فإن الله يتقبله منه، ومن تقرب إليه بالطاعات؛ تقرب الله سبحانه وتعالى منه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة. رواه البخاري، ومسلم. وفي رواية لأحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا؛ فله، وإن ظن بي شرا؛ فله.

وقال الله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا {الكهف:30}، وقال تعالى: فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى {آل عمران: 195}، وجاء في تفسير السعدي عند قوله تعالى: "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" وإحسان العمل: أن يريد العبد العمل لوجه الله، متبعا في ذلك شرع الله؛ فهذا العمل لا يضيعه الله، ولا شيئا منه، بل يحفظه للعاملين، ويوفيهم من الأجر، بحسب عملهم، وفضله، وإحسانه. انتهى. 

ومثل ذلك الدعاء: فمتى تحققت فيه شروط الإجابة، وانتفت موانعها؛ فإن الله تعالى قد تعهد بالاستجابة لمن دعاه، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم {غافر:60}، وفي حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. رواه أحمد، والحاكم.

والدعاء بقبول العمل من هدي الأنبياء؛ فقد قال الله تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم {البقرة:127}.

واصرف عن ذهنك الشعور بأنك مضطهد، واستعذ بالله من شر كل ذي شر، وواظب على الأذكار، والتعوذات المأثورة، ففي الحديث: قل هو الله أحد، والمعوذتين، حين تمسي، وحين تصبح، ثلاثا؛ تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني.

وفي الحديث: من قال حين يصبح، وحين يمسي: "حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم" سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا، والآخرة. رواه ابن السني، وصححه الأرناؤوط.

فأعرض عن كل هذه الخواطر، ولا تسترسل مع شيء منها لو عرض لك، واستعذ بالله من شر الشيطان، ونزغاته.

ولا بأس أن تتواصل معنا من خلال قسم الاستشارات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات