ادّعاء الزوج الرجعة في العدّة بقوله: "نويت أن أرجعها"، وهل يلزم رضا المرأة؟

0 11

السؤال

طلقني زوجي طلقة ثانية، وكنت معه في بلد آخر، وأصررت على النزول لبلدي، لكنه قال لي: "لن أنزلك حتى توافقي على الرجوع لي، ولن تنزلي مصر إلا وأنت على ذمتي" -حسبما أذكر-، فوافقت، لكنني لا أذكر ماذا قلت، وهل اكتفيت بهز الرأس دليلا على الموافقة، مع العلم أنني وافقت على مضض لكي يرجعني مصر، وكان هناك جار لنا شاهد على ذلك، فهل هذا يعد إرجاعا؟ مع العلم أنه كان في العدة.
ثانيا: عندما سألت زوجي، قال لي: إنه لا يذكر ذلك الموقف، ولكنه متأكد أنه كان يردني بصيغة: (نويت أن أردها، أو أرجعها)، وأنه كان يقولها بصوت منخفض، لا يسمعه إلا هو، فهل هذا يعد رجعة؟ وإذا كان كاذبا، فهل عليه الذنب، أم لا بد أن أصدقه؟ وقد حلف لي أنه كان يرجعني لذمته بتلك الصيغة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 ففي البدء: ننصح بأن يراجع زوجك دار الإفتاء، أو الجهات المختصة بالنظر في الأحوال الشخصية؛ ليبين حقيقة ما صدر عنه من ألفاظ، وقصده بها، ويستفصل فيما قد يحتاج لاستفصال، ويبين له الحكم الشرعي.

وعلى وجه العموم: إن كان زوجك قد تلفظ بهذا اللفظ: "نويت أن أردها أو أرجعها"، وقصد بذلك الرجعة؛ فهي رجعة صحيحة معتبرة؛ فهذا اللفظ يحتمل تنجيز الرجعة، ويحتمل مجرد الرغبة في الرجعة؛ فيرجع فيه إلى نيته.

فالرجعة تحصل باللفظ الصريح، وبالكناية مع النية، جاء في منح الجليل: يرتجع بقول صريح، أو محتمل، مع نية لارتجاعها به. فالصريح، كرجعت زوجتي، وأرتجعها، ورددتها لنكاحي، والمحتمل، كأمسكتها؛ إذ يحتمل لنكاحي، ويحتمل لغيره. اهـ.

ويكفي أن يكون قد تلفظ به، سواء أسمعه غيره أم لم يسمعه.

وادعاء الزوج الرجعة في العدة معتبر فيه قوله.

وأما إذا ادعى ذلك بعد انقضاء العدة، وأنكرت زوجته؛ فالقول قولها، قال ابن قدامة في المغني: وإذا ادعى الزوج في عدتها أنه كان راجعها أمس، أو منذ شهر؛ قبل قوله؛ لأنه لما ملك الرجعة ملك الإقرار بها، كالطلاق، وبهذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي، وغيرهم.

وإن قال بعد انقضاء عدتها: كنت راجعتك في عدتك؛ فأنكرته؛ فالقول قولها بإجماعهم؛ لأنه ادعاها في زمن لا يملكها، والأصل عدمها. اهـ.

وننبه إلى أن الرجعة في العدة حق للزوج؛ فلا يلزمه استئذان زوجته في الرجعة، أو طلب موافقتها، قال ابن قدامة في المغني: فصل: ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة؛ لقول الله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا {البقرة: 228}؛ فجعل الحق لهم. اهـ.

وننبه أيضا إلى أهمية أن يحرص الزوجان على استقرار الحياة الزوجية، واجتناب كل ما يكدر صفوها، أو يكون سببا للخصام، والفراق.

والطلاق ليس بالحل الوحيد لمشاكل الحياة الزوجية، وقد لا تكون المصلحة فيه؛ فلا ينبغي التعجل إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة