التعامل مع الأخ الجافي بالمثل

0 10

السؤال

العلاقات بيني وبين أخي الأكبر شبه منعدمة، وحين مرضت لم يكن علي حنونا، وهو منذ الصغر جاف مع الجميع، ولا يحب الخير لنا ولإخوتي، ولا يفرح لفرحنا، أو نجاحنا، بل حين يقبلون عليه لا يسلم عليهم؛ فأصبحت أتجنبه، ولا أتعامل معه أصلا، كأننا غرباء، فهل يجوز ما أفعله؟ فأنا أتعامل معه كما يتعامل معي، فما حكم هذا في الدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الشرع الحكيم قد حث على الألفة والمودة بين المسلمين، قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم {الحجرات:10}، وروى مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، والحمى.

وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين؛ فإنه متأكد بين القرابة؛ لما بينهم من الرحم التي يجب وصلها، ويحرم قطعها، كما قال تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام {النساء:1}، نقل ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في معناها: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولكن بروها، وصلوها. اهـ

 وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم، قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).

 وإن كان تعامل أخيكم معكم مجرد جفاء من غير قطيعة؛ فلا يعتبر قاطعا للرحم، ولكن لا ينبغي له أن يكون تعامله معكم على هذه الحال.

وقد بين أهل العلم أن الصلة تحصل بالكلام، ولو بإلقاء السلام فقط، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم نقلا عن القاضي عياض أنه قال: الصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام، ولو بالسلام... انتهى.

وإن كان قاطعا لكم تماما؛ فهذه قطيعة رحم.

وينبغي على كل حال أن ينصح برفق، ولين، ويبين له الحكم الشرعي فيما يفعل، ويذكر بالله سبحانه، ويمكن أن يستعان عليه بمن يسمع لقولهم.

 ومن جهتكم أنتم؛ فلا تجفوه، وإن جفاكم، ولا تقطعوه، وإن قطعكم؛ لتنالوا الأجر العظيم من الله سبحانه، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وإن كنتم تخشون منه أذى؛ فاقطعوه من الجهة التي يلحقكم منها الأذى، وصلوه بغيرها؛ فوجوه الصلة كثيرة. وراجعي للمزيد الفتوى: 348340.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة