مَن حلف على ترك معصيةٍ ما وحنث، فهل له تأخير إخراج الكفارة إلى أن يجد المال؟

0 20

السؤال

كنت قد حلفت على ألا أعود لمعصية ما، ولكني لم أستطع، فحنثت في أيماني، وليس معي المال الكافي للكفارة، مع العلم أن لي مالا قد وعدت به نظير عمل قمت به، لكنه تأخر عني، ولم يكن بحوزتي، فهل أصوم أم أنتظر حتى يصبح المال في حوزتي، ثم أخرج الكفارة؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الحلف ليس وسيلة مشروعة لمعالجة النفس، ومجاهدتها، ومنعها من المعصية؛ فالمسلم لا ينبغي له أن يكثر من الحلف؛ فإن كثرة الحلف تحرج الحالف، وتضيق عليه، وربما عرضته لعدم حفظ اليمين المأمور به شرعا، قال تعالى: واحفظوا أيمانكم {المائدة:89}، قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: جرى معتادهم بأن يقسموا إذا أرادوا تحقيق الخبر، أو إلجاء أنفسهم إلى عمل يعزمون عليه؛ لئلا يندموا عن عزمهم؛ فكان في قوله: {واحفظوا أيمانكم} زجر لهم عن تلك العادة السخيفة، وهذا الأمر يستلزم الأمر بالإقلال من الحلف؛ لئلا يعرض الحالف نفسه للحنث.

والكفارة ما هي إلا خروج من الإثم، وقد قال تعالى لأيوب -عليه السلام-: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث}؛ فنزهه عن الحنث بفتوى خصه بها. اهـ.

ويحرم الحنث في اليمين على ترك محرم، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني: (و) من حلف (على فعل واجب، أو على ترك محرم؛ حرم حنثه) لما فيه من ترك الواجب، أو فعل المحرم، (ووجب بره) لما مر. اهـ.

والراجح أن كفارة اليمين تجب على الفور، إن كان سبب الحنث معصية، وأما في غير ذلك، فتجب على التراخي، كما سبق بيانه في الفتويين: 277693، 96808.

ولأنك عصيت بالحنث في اليمين؛ لفعلك المعصية التي حلفت على تركها؛ فالكفارة تجب عليك على الفور.

ومن ثم؛ فما دامت عاجزا لا تملك مالا للتكفير به؛ فيجب عليك المبادرة بالتكفير بالصيام.

وأما تأخير إخراج الكفارة إلى أن تجد المال؛ فلا يجوز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة