منع الأم ابنها من السفر للدراسة

0 9

السؤال

تقع لي مع أمي مشاكل، ولا أستطيع أن أتحمل أن تسبني نهائيا، فيمكن أن أصبر في بعض الأوقات، ويمكن أن أرد في أوقات أخرى.
أعرف أن هذا نوع من العقوق. ولكن عندي فكرة للدراسة خارج البلاد، مع أن أمي تمنعني. ولكني أقول: لو سافرت فسيكون ذلك أفضل، وبذلك أتجنب جميع المشاكل. ولكن المشكلة أن هذه الجامعات فيها اختلاط بين البنين والبنات. لكني أريد أن أسافر هذا السفر بنية الهجرة؛ لأني أريد أن أتوب من هذا الذنب. فما هو رأيكم؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالذي نراه لك؛ أن تطيع أمك، وتبقى معها، ولا تسافر للدراسة أو غيرها من الأغراض التي تقدر على تحصيلها في بلدك. وانظر الفتوى: 342469.

والواجب عليك أن تبر أمك، وتحسن صحبتها، ولا يجوز لك أن تؤذيها بقول أو فعل، فحق الأم على ولدها عظيم.

فإن كنت ترد على أمك السب والشتم؛ فهذا منكر عظيم، وعقوق محرم، وهو من أكبر الكبائر، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه

قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير: فإذا استحق من تسبب لسبهما اللعنة، فكيف حال المباشر. انتهى.

وقد أمر الشرع الولد أن يخاطب والديه بالأدب والتوقير والتواضع، قال تعالى :...فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 23-24}.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة، في أقواله وسكناته، ونظره، ولا يحد إليهما بصره؛ فإن تلك هي نظرة الغاضب. انتهى.

ومما يعينك على بر أمك والإحسان إليها؛ أن تجاهد نفسك، وتستعين بالله -تعالى- وتخلص النية لوجهه، وتستحضر فضل بر الوالدين، وما جعل الله له من المكانة، وما وعد عليه من الأجر.

ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. اهـ.

وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة. فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

قال المباركفوري –رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي خير الأبواب وأعلاها. والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية، مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه. انتهى.

كما أن بر الأم خاصة؛ من أفضل الطاعات وأعجلها ثوابا، وأرجاها بركة في الرزق والعمر.

ففي الأدب المفرد للبخاري: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : .. إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله -عز وجل- من بر الوالدة. اهـ.

وإذا صبرت وجاهدت نفسك، وحرصت على بر أمك، واجتناب الإساة إليها، فأبشر بالخير والبركة.

وإذا غلبتك نفسك مرة وأسأت إليها؛ فتب إلى الله واستغفر، وأبشر بعفو الله -تعالى- ومغفرته، قال تعالى: ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا. [الإسراء: 25].
قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: وقوله: (إن تكونوا صالحين) يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البر بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، أو زلة في واجب لهم عليكم، مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوابين بعد الزلة، والتائبين بعد الهفوة غفورا لهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة