الدين لا يسقط بموت المدين ويسدد من التركة قبل قسمتها

0 6

السؤال

توفي أبي منذ: 2004، وفي حياته كان مدينا لأخواتي بمبلغ مالي، وطلب منهن الإمضاء على ورقة تثبت استلامهن حقهن من الميراث. والمبلغ 10 ملايين سنتيم، وهو لا يمثل حقهن الشرعي من الميراث، وعدم المطالبة بحقهن بعد وفاته. فهل هو آثم على ذلك؟ وكيف نقوم بتقسيم التركة الآن؟
وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تعني أن على أبيك دينا لبناته، ومات قبل أن يسدده، فإن من المعلوم أن الدين لا يسقط بموت المدين، وللبنات الحق في المطالبة بالدين، ويأخذنه من التركة قبل قسمتها على الورثة؛ إذ من المعلوم أن الدين مقدم على حق الورثة من الميراث، لقول الله تعالى في آيات المواريث: من بعد وصية يوصي بها أو دين { النساء: 11}.

جاء في الموسوعة الفقهية: دين الآدمي هو الدين الذي له مطالب من جهة العباد، فإن إخراج هذا الدين من التركة والوفاء به واجب شرعا على الورثة، قبل توزيع التركة بينهم؛ لقوله تعالى: من بعد وصية يوصي بها أو دين ـ وعلى ذلك الإجماع، وذلك حتى تبرأ ذمته من حقوق الناس، أو حتى تبرد جلدته، كما جاء في الحديث الشريف. اهـ.

وانظر الفتوى: 192339. عن استيفاء الولد القرض الذي له على والده قبل قسمة تركته.

ولم نفهم على وجه الدقة ما ذكرته من إمضاء البنات على أنهن استلمن نصيبهن من الميراث، وأن المبلغ الذي ذكرته لا يمثل حقهن، وإن كنت تعني أن أباك أعطاهن ذلك المبلغ  سدادا لدينه، وأراد في ذات الوقت أن يكون المبلغ المعطى عن نصيبهن في الميراث، حتى لا يجتمع لهن الحصول على دينهن، وحقهن في الميراث، فهذا جهل وظلم؛ يأثم به فاعله. فالميراث قسمة تركة الميت لا الحي، ومحاولة حرمان البنات من الميراث ظلم، فالله تعالى جعل لهن نصيبا في التركة، وتوعد سبحانه من تعدى حدوده التي حدها في الميراث، فقال سبحانه: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين {سورة النساء:13ــ14}.

قال ابن كثير:أي: هذه الفرائض، والمقادير التي جعلها الله للورثة، بحسب قربهم من الميت، واحتياجهم إليه، وفقدهم له عند عدمه، هي حدود الله، فلا تعتدوها: ولا تجاوزوها.... ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ـ أي، لكونه غير ما حكم الله به، وضاد الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله، وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم. اهــ.

والواجب عليكم بكل حال، تمكين البنات من أخذ نصيبهن من الميراث، ولا عبرة بما فعله أبوكم، والتركة تقسم على مراد الله تعالى ووصيته، وليس على مراد الناس.

فاقسموا تركة أبيكم، على حسب الأنصبة الشرعية في الميراث، وانظر الفتوى: 359284. في بيان أن حرمان الوارث من الميراث كبيرة من الكبائر، وأن حرمان الأنثى أيضا هو من أفعال أهل الجاهلية، وتضييع لوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بهن.

وانظر أيضا للفائدة الفتوى: 76663، والفتوى: 433492.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة