بيان سبب استحقاق الكفار الخلود في النار

0 3

السؤال

سؤالي عن قوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار.. إلى قوله: ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه وإنهم لكاذبون. هل هذه الآية تشمل جميع الكفار؟ أسأل فقط، لأن إخواني الصغار أحيانا يسألونني عن أهل النار، وأنهم يعذبون إلى الأبد، فيظهرون الأسى عليهم، وأرى الحزن ظاهرا عليهم، فأقرأ عليهم هذه الآيات، وأقول لهم إنه حتى لو أعطاهم الله -سبحانه وتعالى- فرصة ثانية لعادوا كفارا، فلا سبب للحزن عليهم.
فهل فهمي للآية صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالآيتان من سورة الأنعام، وهما قوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنينبل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون {الأنعام:27ـ 28}.

تخبران عن حال الكفار يوم القيامة، والذي يظهر من كلام علماء التفسير أن هاتين الآيتين تشملان جميع الكفار بدون تفريق بين طوائفهم.

يقول السعدي في تفسيره: يقول تعالى - مخبرا عن حال المشركين يوم القيامة، وإحضارهم النار-: ولو ترى إذ وقفوا على النارـ ليوبخوا ويقرعوا، لرأيت أمرا هائلا، وحالا مفظعة، ولرأيتهم كيف أقروا على أنفسهم بالكفر والفسوق، وتمنوا أن لو يردون إلى الدنيا: فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل، فإنهم كانوا يخفون في أنفسهم، أنهم كانوا كاذبين، ويبدو في قلوبهم في كثير من الأوقات، ولكن الأغراض الفاسدة، صدتهم عن ذلك، وصرفت قلوبهم عن الخير، وهم كذبة في هذه الأمنية، وإنما قصدهم، أن يدفعوا بها عن أنفسهم العذاب. اهـ. 

وفي تفسيرالبغوي: قوله عز وجل: ولو ترى إذ وقفوا على النار، يعني: في النار، وجواب: لو محذوف معناه: لو تراهم في تلك الحالة لرأيت عجبا: قالوا يا ليتنا نرد، يعني: إلى الدنيا: ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ـ أي: ليس الأمر على ما قالوا إنهم لو ردوا لآمنوا، بل بدا لهم، ظهر لهم: ما كانوا يخفون ـ يسرون: من قبل في الدنيا من كفرهم ومعاصيهم
ثم قال: ولو ردوا -إلى الدنيا- لعادوا لما -يعني إلى ما- نهوا عنه -من الكفر: وإنهم لكاذبون- في قولهم، لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا وكنا من المؤمنين. اهـ 

وفي تفسير القرطبيقوله تعالى: بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل، بل إضراب عن تمنيهم وادعائهم الإيمان لو ردوا، واختلفوا في معنى: بدا لهم على أقوال بعد تعيين من المراد؛ فقيل: المراد المنافقون، لأن اسم الكفر مشتمل عليهم، فعاد الضمير على بعض المذكورين؛ وقيل: المراد الكفار، وكانوا إذا وعظهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خافوا، وأخفوا ذلك الخوف، لئلا يفطن بهم ضعفاؤهم، فيظهر يوم القيامة؛ ولهذا قال الحسن: بدا لهم، أي بدا لبعضهم ما كان يخفيه عن بعض، وقيل: بل ظهر لهم ما كانوا يجحدونه من الشرك، فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين، فينطق الله جوارحهم، فتشهد عليهم بالكفر، فذلك حين: بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل. قال المبرد: بدا لهم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه، إلى أن يقول: قوله تعالى: ولو ردوا، قيل: بعد معاينة العذاب، وقيل: قبل معاينته: لعادوا لما نهوا عنه، أي لصاروا ورجعوا إلى ما نهوا عنه من الشرك، لعلم الله تعالى فيهم أنهم لا يؤمنون: وإنهم لكاذبون، إخبار عنهم، وحكاية عن الحال التي كانوا عليها في الدنيا من تكذيبهم الرسل، وإنكارهم البعث؛ وقيل: المعنى وإنهم لكاذبون فيما أخبروا به عن أنفسهم من أنهم لا يكذبون، ويكونون من المؤمنين. اهـ. 

وبخصوص ما فهمته من الآية؛ فهو صحيح، كما رأيت، لكن ننبهك على خطورة القول في كتاب الله تعالى بالرأي، فإن من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ، وإن كان قد وافق الصواب. 

وانظر الفتوى: 67614. وهي بعنوان: العامي لا يجوز له القول في القرآن بمجرد رأيه. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات