تكفير الذنوب بالعقوبات الشرعية والقدرية في حق المؤمنين دون غيرهم

0 15

السؤال

إذا كان الإيمان ينقص بالمعصية، فهل يرجع بالتوبة؟ وهل يعذب الله التائب بما كسبت يداه؟ أم هناك فرق بين التعذيب بالذنب، وابتلاء الله عباده؟ وإن كان، فهل يكفر الذنب التعذيب به؟ وهل هذا في حق: من قال لا إله إلا الله -أقصد التعذيب بالذنب-؟ أو أنه في حق الناس جميعا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالتوبة النصوح تمحو ما قبلها من الذنوب، ويعود التائب كحاله قبل أن يذنب؛ وقد نص العلماء على أن التائب غير معذب بذنبه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعا، ولا قدرا.

والمراد بالعقوبات الشرعية هو الحدود والتعازير، والمراد بالعقوبات القدرية هو ما يصيب المذنب من بلايا في نفسه، وماله، وأهله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعا، ولا قدرا. انتهى.

وذلك لأن الله تعالى قال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.

وعن ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: سنده حسن.

وانظر الفتويين: 455449، 463183.

ولا شك أن ما يصيب المؤمن من بلايا في الدنيا يكون سببا في تكفير سيئاته.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ومما يزيل موجب الذنوب؛ المصائب المكفرة. وهي كل ما يؤلم من هم، أو حزن، أو أذى في مال، أو عرض، أو جسد، أو غير ذلك، لكن ليس هذا من فعل العبد. انتهى.

وهذه المصائب يكفر الله بها في الدنيا، كما في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه.

ولما نزل قوله تعالى: من يعمل سوءا يجز به {النساء: 123} قال أبو بكر: يا رسول الله: قد جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر: ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به. رواه أحمد.

وأما الكافر: فلا مطمع له في تكفير سيئاته؛ لأنه خالد في النار، وما يصيبه من بلاء في الدنيا؛ فهو زيادة عقوبة عليه،

وانظر مكفرات الذنوب والخطايا في الفتوى: 51247.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات